معاني الاسماء الحسنى - الاسماء الحسنى ومعانيها - محمود شلبي - كتاب تفسير العشر الاخير


معاني الاسماء الحسنى
الاسماء الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة ومعانيها  
المصدر : كتاب تفسير العشر الاخير 


اضغط على الصورة للتكبير 
click on photo to see it big 

اسماء الله الحسنى تبارك وتعالى مع الشرح 
تسعة وتسعون اسماً  عظيما ومقدسا ومباركا ( مائة الا واحدا )
بحسب اخر واحدث اجتهادات علماء المسلمين في العصر الحديث وبحسب ما جاء كتاب تفسير العشر الاخير 
 مع شرح مختصر لكل واحد من هذه الاسماء الحسنى .

قال سبحانه وتعالى في سورة الاعراف
بسم الله الرحمن الرحيم
 وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
 [ سورة الاعراف :  180 ]



Translation (1) :

Holy Quran – chapter ( 7  ) – Surat : Al – Araf ( The Ramparts ) – Verse : 180  .

In the Name of Allah, the Almighty God , the All-beneficent, the All-merciful. 

 And (all) the Most Beautiful Names belong to Allâh[], so call on Him by them, and leave the company of those who belie or deny (or utter impious speech against) His Names. They will be requited for what they used to do. (180) 


Translation (2) :

Holy Quran – chapter ( 7  ) – Surat : Al – Araf ( The Ramparts ) – Verse : 180  .

In the Name of Allah, the Almighty God , the All-beneficent, the All-merciful. 

[7.180] To Allah belongs the Finest Names, so call Him by them, and keep away from those who pervert them. They shall be recompensed for the things they did.


Translation (3) :

Holy Quran – chapter ( 7  ) – Surat : Al – Araf ( The Ramparts) – Verse : 180  .

In the Name of Allah, the Almighty God , the All-beneficent, the All-merciful. 

7-180
The most beautiful names belong to God: so call on him by them; but shun such men as use profanity in his names: for what they do, they will soon be requited.




وفي الحديث الشريف الصحيح والثابت عن  رسول الله  صلى الله عليه وسلم
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ )
رواه  البخاري (2736) ومسلم (2677)


تفسير الاية الكريمة  (  تفسير الوسيط /طنطاوي )
بسم الله الرحمن الرحيم
 وَلِلَّهِ ٱلْأَسْمَآءُ ٱلْحُسْنَىٰ فَٱدْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُواْ ٱلَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِىٓ أَسْمَٰٓئِهِۦ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ
 [ سورة الاعراف :  180 ]

وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
قال القرطبي: قوله- تعالى- وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها أمر بإخلاص العبادة لله- تعالى- ومجانبة الملحدين والمشركين. قال مقاتل وغيره من المفسرين: نزلت الآية في رجل من المسلمين كان يقول في صلاته: يا رحمن يا رحيم. فقال رجل من مشركي مكة: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا فما بال هذا يدعو ربين اثنين؟ فنزلت» .
والأسماء: جمع اسم، وهو اللفظ الدال على الذات فقط أو على الذات مع صفة من صفاتها سواء كان مشتقا كالرحمن، والرحيم، أو مصدرا كالرب والسلام.
والحسنى: تأنيث الأحسن أفعل تفضيل، ومعنى ذلك أنها أحسن الأسماء وأجلها، لإنبائها عن أحسن المعاني وأشرفها.
والمعنى: ولله- تعالى- وحده جميع الأسماء الدالة على أحسن المعاني وأكمل الصفات فادعوه أى سموه واذكروه ونادوه بها.
روى الشيخان عن أبى هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: إن لله تسعة وتسعين اسما من حفظها دخل الجنة والله وتر يحب الوتر» .
قال الآلوسى: والذي أراه أنه لا حصر لأسمائه- عزت أسماؤه- في التسعة والتسعين، ويدل على ذلك ما أخرجه البيهقي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم «من أصابه هم أو حزن فليقل: اللهم إنى عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي في يدك ماضى فىّ حكمك، عدل فىّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وذهاب همي وجلاء حزنى ... إلخ» فهذا الحديث صريح في عدم الحصر.
وحكى النووي اتفاق العلماء على ذلك وأن المقصود من الحديث الإخبار بأن هذه التسعة والتسعين من أحصاها دخل الجنة، وهو لا ينافي أن له- تعالى- أسماء غيرها» .
ثم قال- تعالى- وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ.
ذروا: فعل أمر لم يرد في اللغة استعمال ماضيه ولا مصدره، وهو بمعنى الترك والإهمال.
ويلحدون من الإلحاد وهو الميل والانحراف، يقال: ألحد إلحادا إذا مال عن القصد والاستقامة، وألحد في دين الله: حاد عنه ومنه لحد القبر لأنه يمال بحفره إلى جانبه بخلاف الضريح فإنه يحفر في وسطه.
والمعنى: ولله- تعالى- أشرف الأسماء وأجلها فسموه بها أيها المؤمنون، واتركوا جميع الذين يلحدون في أسمائه- سبحانه- بالميل بألفاظها أو معانيها عن الحق من تحريف أو تأويل أو تشبيه أو تعطيل أو ما ينافي وصفها بالحسنى اتركوا هؤلاء جميعا فإنهم سيلقون جزاء عملهم من الله رب العالمين.
ومن مظاهر إلحاد الملحدين في أسمائه- تعالى- تسمية أصنامهم بأسماء مشتقة منها، كاللات: من الله- تعالى-، والعزى: من العزيز، ومناة: من المنان وتسميته- تعالى- بما بوهم معنى فاسدا، كقولهم له- سبحانه-: يا أبيض الوجه كذلك من مظاهر الإلحاد في أسمائه- تعالى-، تسميته بما لم يسم به نفسه في كتابه، أو فيما صح من حديث رسوله، إلى غير ذلك مما يفعله الجاهلون والضالون.


هل أسماء الله تعالى الحسنى تسعة وتسعون اسماً فقط  ؟   أم أنها أكثر من ذلك ؟
سؤال وجيه جدا يخطر في بال الكثير من المسلمين وتم طرحه ومناقشته والبحث فيه من قبل علماء المسلمين
وفيما يلي الاجابة على هذا السؤال من كبار علماء المسلمين

روى البخاري (2736) ومسلم (2677) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : 
( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ )
استدل بعض العلماء (كابن حزم رحمه الله) بهذا الحديث على أن أسماء الله تعالى محصورة في هذا العدد .
 انظر : "المحلى" (1/5  
وهذا الذي قاله ابن حزم رحمه الله لم يوافقه عليه عامة أهل العلم ، بل نقل بعضهم (كالنووي) اتفاق العلماء على أن أسماء الله تعالى ليست محصورة في هذا العدد . وكأنهم اعتبروا قول ابن حزم شذوذاً لا يلتفت إليه .
واستدلوا على عدم حصر أسماء الله تعالى الحسنى في هذا العدد بما رواه أحمد (3704) عن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌّ وَلا حَزَنٌ فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ ، أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي ، وَنُورَ صَدْرِي ، وَجِلَاءَ حُزْنِي ، وَذَهَابَ هَمِّي إِلا أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّهُ وَحُزْنَهُ وَأَبْدَلَهُ مَكَانَهُ فَرَجًا . فَقِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلا نَتَعَلَّمُهَا ؟ فَقَالَ : بَلَى ، يَنْبَغِي لِمَنْ سَمِعَهَا أَنْ يَتَعَلَّمَهَا . صححه الألباني في السلسلة الصحيحة (199) .
فقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ ) دليل على أن من أسماء الله تعالى الحسنى ما استأثر به في علم الغيب عنده ، فلم يطلع عليه أحداً من خلقه ، وهذا يدل على أنها أكثر من تسعة وتسعين .
قال شيخ الإسلام في "مجموع الفتاوى" (6/374) عن هذا الحديث :
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لِلَّهِ أَسْمَاءً فَوْقَ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ اهـ .
وقال أيضاً (22/482) :
قَالَ الخطابي وَغَيْرُهُ : فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لَهُ أَسْمَاءً اسْتَأْثَرَ بِهَا وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : ( إنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) أَنَّ فِي أَسْمَائِهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ، كَمَا يَقُولُ الْقَائِلُ : إنَّ لِي أَلْفَ دِرْهَمٍ أَعْدَدْتهَا لِلصَّدَقَةِ وَإِنْ كَانَ مَالُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . وَاَللَّهُ فِي الْقُرْآنِ قَالَ : ( وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) فَأَمَرَ أَنْ يُدْعَى بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى مُطْلَقًا ، وَلَمْ يَقُلْ : لَيْسَتْ أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى إلا تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا اهـ .
ونقل النووي رحمه الله في شرح صحيح مسلم اتفاق العلماء على ذلك ، فقال :
اتَّفَقَ الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّ هَذَا الْحَدِيث لَيْسَ فِيهِ حَصْر لأَسْمَائِهِ سُبْحَانه وَتَعَالَى , فَلَيْسَ مَعْنَاهُ : أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَسْمَاء غَيْر هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ , وَإِنَّمَا مَقْصُود الْحَدِيث أَنَّ هَذِهِ التِّسْعَة وَالتِّسْعِينَ مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّة , فَالْمُرَاد الإِخْبَار عَنْ دُخُول الْجَنَّة بِإِحْصَائِهَا لا الإِخْبَار بِحَصْرِ الأَسْمَاء اهـ .
وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله عن ذلك فقال :
أسماء الله ليست محصورة بعدد معين ، والدليل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : ( اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك . . إلى أن قال : أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك ، أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ) .
وما استأثر الله به في علم الغيب لا يمكن أن يُعلم به، وما ليس معلوماً ليس محصوراً .
وأما قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ ) .
فليس معناه أنه ليس له إلا هذه الأسماء ، لكن معناه أن من أحصى من أسمائه هذه التسعة والتسعين فإنه يدخل الجنة ، فقوله (مَنْ أَحْصَاهَا) تكميل للجملة الأولى وليست استئنافية منفصلة ، ونظير هذا قول العرب : عندي مائة فرس أعددتها للجهاد في سبيل الله . فليس معناه أنه ليس عنده إلا هذه المائة ؛ بل هذه المائة معدة لهذا الشيء" اهـ .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (1/122)

أهمية معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا :

أسماء الله الحسنى وصفاته العلا لها فوائدُها العظيمة، ومنافعها الكريمة، التي لا يستطيع أحدٌ إحصاءها، وحسْبُك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: ( لا أُحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيتَ على نفسك [1] ) 

وفي هذا المختصر نذكُرُ أشهر فوائد معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا، حتى إذا دخلتَ هذه الجنةَ - جنة العلم بأسماء الله الحسنى وصفاته العلا - قلت: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. 

(1)  معرفة أسماء الله الحسنى من أعظم أسباب دخول الجنة:

فقد روى البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله تسعةً وتسعين اسمًا مائةً إلا واحدًا، من أحصاها دخل الجنة)).

ومعنى إحصائها كما قال ابن القيم رحمه الله: مراتب إحصاء أسماء الله ثلاث:

الأولىإحصاء ألفاظها ومدلولها.

والثانيةفهم معانيها ومدلولها.

الثالثةدعاؤه بها؛ كما قال تعالى﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180][2].

فالجنة سلعة الله الغالية لمَن حفِظ أسماء الله الحسنى، وعرَف معناها، وعمل بمقتضاها، وتعبَّد لله تعالى بها. 

(2) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا هي الطريق الرئيسي إلى معرفة الله:

معرفة الله تعالى نوعان:

معرفة عامة: وهي معرفة الإقرار التي يشترك فيها كلُّ الناس، البرُّ والفاجر، والمطيع والعاصي.

ومعرفة خاصة: توجب رقابته والحياءَ منه، ومحبته وتعلُّقَ القلب به، والشوق إلى لقائه، هذه المعرفة الخاصة لا تتأتى إلا بمعرفة الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا.

قال ابن القيم عليه رحمة الله: "وليست حاجة الأرواح قط إلى شيء أعظم منها إلى معرفة باريها وفاطرها، ولا سبيل إلى هذا إلا بمعرفة أوصافه وأسمائه، فكلما كان العبد بها أعلَمَ، كان بالله أعرف، وله أطلب، وإليه أقرب، وكلما كان لها أنكر، كان بالله أجهل، وإليه أكره، ومنه أبعد، والله يُنزل العبدَ من نفسه حيث يُنزله العبدُ من نفسه، فالسير إلى الله من طريق الأسماء والصفات شأنُه عَجب، وفتحه عجب، صاحبُه قد سِيقَتْ له السعادةُ وهو مستلقٍ على فراشه غَيرَ تَعِب..."[3].

فلا يستطيع العباد إدراك حقيقة العبودية وتحقيقَها قولًا وفعلًا إذا لم يعرفوا صفات الباري جل جلاله، "فلو أراد أحد أن يتزوج ابنةَ رجل أو أن يزوِّجه أو يعامله، طلب أن يعرف اسمه وكنيته، واسم أبيه وجده، وسأل عن صغيرِ أمره وكبيره، فالله الذي خلَقَنا ورزقنا، ونحن نرجو رحمته ونخاف من سخطه - أَولى أن نعرف أسماءه وصفاته، ونعرف تفسيرها"[4]

عن أُبيِّ بن كعب رضي الله عنه أن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: يا محمد، انسُبْ لنا ربَّك، فأنزل الله تعالى﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4][5].

(3) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا أصلُ كل عبادة:

نعم، معرفة الله تعالى أصلُ امتثال الأوامر واجتناب النواهي، فلا يجتنب ما يُغضب اللهَ، ولا يمتثل ما يحبه الله، إلا مَن عرَف الله؛ ولذلك جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: ((فليكن أول ما تدعوهم إليه أن يوحِّدوا الله، فإذا عرَفوا الله فأخبِرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وتُرد على فقرائهم...)).

(4) معرفة أسماء الله الحسنى من أعظم الأسباب لإجابة الدعاء:

قال تعالى﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]، يأمرنا الله تعالى أن ندعوَه بأسمائه الحسنى، ووعدنا أن يستجيب لنا؛ حيث قال﴿ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ﴾ [غافر: 60]، ففارقٌ كبير بين أن تدعو وتقول: اللهم اغفر لي، وبين أن تقول: اللهم يا غفار اغفر لي، وبين أن تقول: اللهم ارحمني، وبين أن تقول: يا رحيم ارحمني، وبين أن تقول: اللهم ارزقني، وبين أن تقول: يا رزاق ارزقني.

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا، دعاه بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، فكان يقول: ((اللهم يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلِحْ لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين))[6]، فبدأ صلى الله عليه وسلم في دعائه بالأسماء والصفات المناسبة لدعائه.

وكان يقول: ((أسألك بكل اسم هو لك، سمَّيتَ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي، ونورَ صدري، وجلاء حزني، وذَهاب همِّي وغمي...))[7]، وأخذ العلماء من ذلك كذلك أن دعاء الله تعالى بأسمائه الحسنى من أعظم أسباب تفريج الكروب، وزوالِ الهموم والغموم.

(5)  الله تعالى يحب من أحبَّ أسماءه الحسنى وصفاته العلا:

"فمن أعجبِ الأشياء أن تعرفه ثم لا تحبه، وأن تسمع داعيَه ثم تتأخر عن الإجابة، وأن تعرف قدر الربح في معاملته ثم تُعامل غيره، وأن تعرف قدر غضبه ثم تتعرض له، وأن تذوق ألم الوحشة في معصيته ثم لا تطلب الأنسَ بطاعته..."[8]

عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم بـ ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، فلما رجعوا ذكَروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ((سلُوه لأيِّ شيء يصنع ذلك؟))، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أُحبُّ أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أخبِروه أن الله يحبه))[9]، وفي رواية: ((حبُّك إياها أدخَلَك الجنة))[10].

وإذا أحببته، تفانيت في طاعته، واشتقت إلى رؤيته؛ فإن موسى عليه السلام حين سمع كلامَ ربه - وكلامُ الله صفة من صفاته - أحَبَّه واشتاق إلى لقائه ورؤيته، وطلب ذلك منه، كما قال تعالى﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأعراف: 143]، أرأيت إذا سمعت عن مخلوق له من صفات الجمال، فإنك تشتاق إلى رؤيته ولقائه، فكيف إذا علمتَ عن الخالق جل وعلا أسماءه وصفاته؟!

(6)  من عرف أسماء الله الحسنى وصفاته العلا كما ينبغي، فقد عرف كل شيء:

• من عرف أن الله تعالى هو الخالق، عرف أن كل ما دونه مخلوق؛ قال تعالى﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الزمر: 62].

• من عرف أن الله هو الرزاق، علم أن كل ما دونه مرزوق؛ قال تعالى﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، وكذلك علم أنه لا يملك الرزقَ سواه؛ قال تعالى﴿ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ﴾ [النمل:64] .

• من عرف أن الله تعالى هو المَلِك، عرف أن كل ما دونه مملوك؛ قال تعالى:﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يخْلُقُ مَا يَشَاءُ ﴾ [المائدة: 17].

• ومن عرف ربَّه بالغنى، عرف نفسه بالفقر؛ قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ﴾ [فاطر: 15].

• ومن عرف ربه بالعلم، عرف نفسه بالجهل؛ قال تعالى﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216].

• ومن عرف ربه بالبقاء، عرف نفسه بالفناء؛ قال تعالى﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [ الرحمن: 26، 27] .

• ولهذا قيل: "من عرف ربه، عرف نفسه"، فمن عرف الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا، علم أنه بالكمال موصوف، وبالإحسان والجمال والجلال معروف، وعرف أيضًا نفسه بكل نقص وعيب، إلا أن يرزقه الله كمالَ الإيمان والعمل الصالح والعبودية الصادقة، فيذل لعزَّتِه، ويخضع لقوته[11].

(7)  معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا تورث خشية الله:

وكفى بها ثمرة لمن كان يرجو الله والدار الآخرة، فتلك هي حقيقة العلم؛ قال ابن مسعود رضي الله عنه: "كفى بخشية الله علمًا، وكفى بالاغترار بالله جهلًا"[12]

فمن كان بالله أعرف، كان منه أخوف، ومن كان به أعلم، كان بشريعته أقوم، كما قال تعالى﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [ فاطر: 28]؛ أي: العلماء به

وكان النبي صلى الله عليه وسلم أشدَّ خشية لله؛ لأنه كان أعلم الناس بالله، كان يقول:  (أنا أعلَمُكم بالله، وأشدُّكم له خشية )  [13]، والمعنى: أنا أعلمكم بالله؛ ولذلك فأنا أشدكم له خشية. 

(8)  معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا سبيل إلى النجاة من الذنوب والمعاصي والإقبال على الطاعات:

من عرف أن رئيسه في العمل حازمٌ وقوي، حرَص على رضاه وإتقان العمل بين يديه.

ومن عرف رجلًا كريمًا، سعى للوقوف ببابه، والتعرض له في طريقه، وطلب منه حاجاتِه.

ومن عرف شرطيًّا باطشًا، فإنه يخافه أشد الخوف، وإذا ذُكر أمامه ارتعدت فرائصه، ولله المثل الأعلى في السماوات والأرض، مَن عرَف الجبار القوي القادر العزيز شديد العقاب سريع الحساب، أقبَلَ على طاعته، وما أسرف على نفسه في المعاصي

قال الحسين بن أحمد الصَّفار: "سئل الشِّبلي - وأنا حاضر -: أي شيء أعجب؟! قال: قلب عرف ربَّه ثم عصاه"[14]، فما أسرَفَ العبدُ على نفسه بالمعاصي، وبارَز ربَّه بها، وانتهَك الحرمات في الخلوات، إلا بجهله بأسماء الله وصفاته.

(9)  معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا سبيلٌ إلى الاتصاف بها:

فالله الملِك الحق الرحمن الرحيم العزيز الجبار المتكبر، يحب من عباده أن يتصفوا بصفاته، ويتحلَّوا بها على وجهٍ يليق بهم؛ فهو سبحانه وتعالى: رحيم يحب الراحمين، شكور يحب الشاكرين، كريم يحب المتصدقين، صبور يحب الصابرين، محسن يحب المحسنين، عفوٌّ يحب العافين، تواب يحب التوابين، طيب يحب الطيبين، جميل يحب الجمال، عليم يحب العلم وأهله، حيي ستير يحب أهل الحياء والستر، رفيق يحب الرفق، فأحباب الله هم الذين اتصَفوا بصفاته وتخلَّقوا بها.

(10) معرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا هي الطريق إلى إصلاح القلوب وتزكية النفوس:

إن مما ينبغي أن يعتني به كلُّ إنسان - لا سيما في خِضَمِّ هذه الفتن المتلاحقة، والملهيات المتتابعة - أن يزكي نفسه، ويجلو صدأ قلبه، وقد أمر الله تعالى بذلك، بل ربط الفلاح بذلك، فقال﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا ﴾ [ الشمس: 9]، وقال﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ﴾ [ الأعلى: 14 ] 

وتزكية النفس هي دعوة الأنبياء والمرسلين؛ ولذلك لما دعا موسى عليه السلام فرعون قال له﴿ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى ﴾ [ النازعات :  18]،  قال تعالى عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [ الجمعة: 2 ] .

وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم معنى التزكية بكلمةٍ جامعة مانعة، لها عَلاقة ساطعة بمعرفة أسماء الله الحسنى وصفاته العلا، حين سأل رجل النبيَّ صلى الله عليه وسلم: ما تزكية المرء نفسَه يا رسول الله؟ فقال: ((يعلم أن الله معه حيث كان ) [15]

وهذه الكلمة هي جِماع الإحسان، وهي تعبدٌ بأسماء الله العليم الرقيب الحسيب الشهيد السميع البصير سبحانه وتعالى[16].

تلك عشرة كاملة، اقرأها مرةً أخرى وعِها وارعَها وخُذْها بقوة، تفُزْ بالسعادة الكاملة.

المراجع والشروحات   :

[1] رواه مسلم.

[2] بدائع الفوائد.

[3] طريق الهجرتين.

[4] الحجة في بيان المحجة؛ الأصفهاني.

[5] رواه أحمد والترمذي، وحسنه الألباني.

[6] رواه أحمد والدارقطني، وصححه الألباني في صحيح الجامع.

[7] رواه أحمد والترمذي والدارقطني والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.

[8] الفوائد؛ لابن القيم.

[9] متفق عليه.

[10] رواه البخاري معلقًا، ووصله الترمذي.

[11] المعاني الإيمانية في شرح الأسماء الحسنى الربانية؛ وحيد بالي - بتصرف.

[12] مفتاح دار السعادة؛ ابن القيم.

[13] متفق عليه.

[14] صفة الصفوة؛ لابن الجوزي.

[15] رواه البيهقي، وصححه الألباني في الصحيحة.

[16] التعبد بالأسماء والصفات؛ وليد الودعان.