افمن اسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان - بنيان التقوى والرضوان - محمود شلبي

بنيان التقوى والرضوان 


اضغط على الصورة للتكبير
click on photo to see it big

الاية الكريمة : 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ 

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )

[ سورة التوبة : الاية 109 ]

Translations :

Translation (1) :

Holy Quran - Chapter (5)   - Surat :  Al- Tawba ( Repentance ) - Verse : 109 .

In the name of ALLAH ,the Almighty God, the All Benifecent,the All Merciful. 

Is it then he who laid the foundation of his building on piety to Allâh and His Good Pleasure better, or he who laid the foundation of his building on the brink of an undetermined precipice ready to crumble down, so that it crumbled to pieces with him into the Fire of Hell. And Allâh guides not the people who are the Zâlimûn (cruel, violent, proud, polytheist harm- doers and wrong-doers). (109)
   
Translation (2) :

Holy Quran - Chapter (5)   - Surat :  Al- Tawba ( Repentance ) - Verse : 109 .

In the name of ALLAH ,the Almighty God, the All Benifecent,the All Merciful. 
  
Which then is best? - he that layeth his foundation on piety to God and His good pleasure? - or he that layeth his foundation on an undermined sand-cliff ready to crumble to pieces? and it doth crumble to pieces with him, into the fire of Hell. And God guideth not people that do wrong.

Translation (3) :

Holy Quran - Chapter (5)  - Surat :  Al- Tawba ( Repentance ) - Verse : 109 .

In the name of ALLAH ,the Almighty God, the All Benifecent,the All Merciful. 

[9.109] Is he who founds his building on the fear of Allah and His pleasure, better or he who founds his building on the brink of a crumbling edge so that it will tumble with him into the Fire of Gehenna ( Hell ) ? Allah does not guide the harm-doers.



تفسير الدكتور محمد راتب النابلسي  للاية الكريمة :

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )
التفسير المختصر - سورة التوبة (109) - الدرس (12- 19) : تفسير الآية 109 ، البناء الصحيح
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بارك الله فيه واجزاه الخير بتاريخ:27 / 8 / 1994  

بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وبعد: الآية التاسعة بعد المائة من سورة التوبة وهي قوله تعالى:
﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )  (التوبة 109 )
 أيها الأخوة الكرام:
 
من إعجاز القرآن الكريم، أن الآية لها معنى، في السياق وفي السباق، وفي اللحاق، فإذا نزعت من سياقها، تُعد قانوناً، فلعل تفسير هذه الآية في سياق الآيات التي قبلها، لها منحى، ومعنى، لكن لو اقتطعنا هذه الآية وحدها، ووقفنا عند معانيها الدقيقة، لكانت وحدةً مستقلةً في معانيها.
 
فمثلاً: الله سبحانه وتعالى يقول:

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ﴾
  بناء يا ترى هل بنيت عقيدتك على أساسٍ صحيح ؟ هل عرفت حقيقة الحياة الدنيا ؟ هل عرفت من أنت ؟ ما دورك في الحياة ؟ هل عرفت حقيقة الكون ؟ لماذا خلقت في الدنيا ؟ يعني تصوراتك عن الكون، والحياة والشهوات، صحيحة ؟ ما حكمت الشهوة التي أودعها الله فيك ؟ هل أنت مخير أم مسير ؟ ما أثمن شيء بالحياة الدنيا ؟ هل هو أن تجمع الأموال ؟ أم أن تنغمس في الملذات ؟ أم أن تعمل صالحاً.
 
فالبنيان ؟ البناء الفكري، طيب، الآن البيت بناء، أسست بيت بناء بشكل إسلامي ؟ اخترت زوجة صالحة مؤمنة ؟ من تزوج المرأة لجمالها أذله الله ومن تزوجها لمالها أفقره الله، ومن تزوجها لحسبها زاده الله دناءة، فعليك بذات الدين تربت يداك.
بنيت عقلك بناء صحيح، بنيت بيتك بناء صحيح، الآن بنيت عملك بناء صحيح، في أعمال مبنية على معصية، في أعمال مبنية على بضاعة محرمة، في أعمال مبنية على أخذ ما عند الناس، على إيقاع الأذى بالناس، على بث الخوف عند الناس، يا ترى بنيت عقيدتك، وبنيت بيتك وبنيت عملك بناء صحيح ؟
 
ربنا عز وجل يقول:
﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ﴾
 على طاعة الله، كنت أقول في عقود القران: ما من زواجٍ يبنى على طاعة الله ولو افتقر إلى معظم مقومات نجاحه، إلا ويتولى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين، وما من زواجٍ يبنى على معصية الله ولو توافرت له كل أسباب النجاح، إلا ويتولى الشيطان التفريق بينهما.
 
فالآية واسعة جداً، بناء ذاتك، فكراً، وشعوراً، وسلوكاً، بناء بيتك وهو ألصق شيءٍ بك، اختيار زوجتك، تربية أولادك، بناء عملك، فهل هذه الأبنية ؟ ذاتك، وأهلك، وعملك، هل هذه الأبنية ؟ بنيت وفق طاعة الله، وفق منهج الله، وفق الكتاب والسنة، أم وفق العادات والتقاليد، أو وفق ما تألف الناس عليه، أو وفق ما يأتين من الغرب.

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ﴾
 يا ترى في بالبيت معاصي ؟ في بالعمل معصية ؟ هناك أعمال مبنية على المعاصي، مبنية على المحرمات، أم في ذاتها، أو في طريقة التعامل بها، فالله عز وجل يقول: ما أبعد المنى، بين الذي أسس بنيانه على تقوى من الله، وبين الذي، أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم.
 
لو واحد عنده مطعم مثلاً، يقدم فيه الخمور، فهذا: أسس عمله على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم.
 
ورد في الأثر:

( أن الأغنياء يحشرون أربع فرق يوم القيامة)
 فريق جمع المال من حرام وأنفقه في حرام، هذا حسابه سريع جداً، يقال خذوه إلى النار، ما في مشكلة، كلمة وحدة.
وفريقٌ جمع المال من حلال، تجارة مشروعة، وأنفقه في حرام أنفقه على ملذاته، وعلى الليالي الحمراء، والموائد الخضراء والدخل مشروع في الأساس.
 
وفريق جمع المال من حلال وأنفقه في حرام، فيقال خذوه إلى النار أيضاً شيء سهل، كلمة وحدة.
 
وفريق جمع المال من حرام، عنده ملهى مثلاً، أو تجارة محرمة، أو طريقة ربوية، وأنفقه في حلال، أتزوج، واشترى بيت وربى أولاده، من مال حرام، أيضاً هذا الشخص الثالث حسابه سريع فيقال خذه إلى النار، من بقي ؟ بقي الرابع.
 
وفريق جمع المال من حلال وأنفقه في حلال، قال هذا خذوه فسألوا، هذا حققوا معه، هل تاه بماله على عباد الله ؟ هل نسي فرض صلاة ؟ هل قصر في حق جيرانه ؟ هل قال من حوله يا ربي لقد أغنيته بين أظهرنا فقصر في حقنا.
 
فالنبي عليه الصلاة والسلام، كان بليغ، فحتى يعبر عن مدى ما أمامه من أسئلة، قال فما يزال يسأل ويسأل، أنتظر ‍‍‍‍‍، هذه قصة طويلة كثير، تركه ومشي فما زال يسأل ويسأل.
 
يحشر الأغنياء أربع فرق يوم القيامة.فريقٌ جمع المال من حرام، وأنفقه في حرام، فيقال خذوه إلى النار.وفريقٌ جمع المال من حلال، وأنفقه في حرام، فيقال خذوه إلى النار. فريقٌ جمع المال من حرام، وأنفقه في حلال، فيقال خذوه إلى النار. فريقٌ جمع المال من حلال، وأنفقه في حلال، فيقال خذوه فسألوه، قفوه فسألوه أول سؤال، ثاني سؤال، هل تاه بماله على من حوله ؟ هل قصر في حق جيرانه ؟ هل ظهر بماله وما عنده ؟ حتى قال جيرانه يا ربنا لقد أغنيته بين أظهرنا فقصر في حقنا، فالنبي عبر عن كثرة الأسئلة، قال فما زال يسأل ويسأل.
 
فلذلك لا تزول قدما عبدٍ يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ! عن شبابه فيما أبلاه ؟ وعن عمره فيما أفناه ؟ وعن علمه ماذا عمل به ؟ لكن المال سؤالين ! وعن ماله من أين أكتسبه وفيما أنفقه ؟
 
فأخوانا الكرام:
 
آية دقيقة جداً، طبعاً لها بالسياق معنى آخر، أما لو نزعت من السياق، الله عز وجل يقول: هل يستوي من أسس بناءه الفكري بناءه الشعوري، أذواقه كلها إسلامية، يتغنى بالقرآن، ما بحب المغنية الفلانية، أذواقه الشعورية، بناءه الفكري صحيح، أمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، آمن بالله خالق، ورباً، ومسيراً موجوداً وواحداً، وكاملاً، آمن بعصمة الأنبياء، وفطانتهم وعصمتهم، وجهادهم، وبطولتهم، آمن بالكتب السماوية، بناء الفكري صحيح، آمن أن سيدنا آدم أول البشر، وأن هي نظرية دارون نظرية مالها أساس من الصحة، يعني بناءه الفكري صحيح أذواق النفسية.
 
لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئتُ به، أذواقه قرآنية يتغنى بالقرآن، يطرب لحديث النبي عليه الصلاة والسلام، يأنس بالمسجد، يطرب بمجالس العلم، ينفر من أماكن اللهو، يبتعد عن الأسواق، بنيانه الفكري صحيح، بنيانه النفسي صحيح، بيته اختار زوجة مؤمنة، أنجب أولاد رباهم تربية إسلامية، بيته ما في مخالفات، ما في اختلاط، برمضان، أخي سفرة وحدة حتى ما نتغلب ما في عنده اختلاط، ما في عنده انحرافات، ما في سهرات وراء أعمال فنية ساقطة، ما في عنده أجهزة لهوا، بتسمم له أخلاق الأهل بيته صحيح، عمله ما في كذب بتجارته، ما في غش ما في خداع، ما في إيهام، ما في تدليس، ما في بضاعة محرمة، ما في تعامل محرم هذا يلي أسس بناءه الفكري، وبناءه النفسي، وبيته وعمله، على طاعة الله وعلى منهج الله وعلى أمر الله وعلى سنة رسول الله، قال هذا يستوي، مع من أسس بنيانه على شفة شو بطالع قصص فلان الفلاني، كلها قصص، أدب مكشوف، أذواقه الأفلام الفلانية، أذواقه المسرحية الفلانية، الأعمال الفنية الفلانية، هي أذواقه، بحب الاختلاط بحب الفرفشة كما يقول الناس، طيب ببيته ما في انضباط ما صلاة ولا في قرآن ولا في استقامة، عمله كله على هبج بالتعبير العامي، من وين ما صح له قرش حلال على الشاطر، طيب هذا ماذا فعل ؟ هذا أسس بنيانه على شفة جرف هار أخرته على جهنم، فانهار به في نار جهنم، فالآية دقيقة جداً:

﴿أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109﴾
 يعني: في فندق بأغادير بالمغرب، هي أغادير مدينة سياحية يرتادها الأجانب وفيها كل الموبقات، التي لا تعقل، فيها فندق فخم خمس نجوم، الفندق هذا أسمه هوليدي إن، في الزلزال، هبط إلى أعماق الأرض وبقيت لوحته في الطابق الثلاثين، كشاهده على قبره فندق ثلاثين طابق يغوص في أعماق الأرض إثر زلزال، لحكمة أردها الله أسمه على آخر طابق مكتوب هوليدي إن، بقي هذا الاسم على السطح، يعني مثل شاهده، على هذا القبر، لكان.
 
إذا كان مكان في معاصي، موبقات، وزنى، وانحراف، هذا أخرته ينهار في الدنيا والآخرة.

﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109﴾
 أخوانا الكرام:
 
العمر قصير، والزمن خطير، واللقاء حتمي، والخيار بالإيمان ليس خيار قبول أو رفض، خيار وقت فقط، لأن فرعون آمن، بس آمن بعد فوات الأوان، فمالنا خيار بالإيمان، الإيمان:

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (سورة  ق 22)
 فالواحد يعمل دراسة دقيقة لعمله، لطرق كسب المال في حياته، طرق إنفاق المال بيته، بناته زوجته، أولاده، شو في أشياء محرمة، بناءه الفكري، عقيدته مشاعره، أذواقه، لهوه، طربه، نمطه، يعني إنسان يحضر مجلس علم، حتى المجلس يساهم بشكل تدريجي، ببنائك البناء الصحيح حتى تعرف الحقيقة من أنت ؟ إلى أين ؟ وأين كنت ؟
 
فالإنسان من دون مجلس علم ما بتعلم، مجلس العلم هو الذي يبني إيمانك البناء الصحيح، وأنت عليك التطبيق، وهي الآية احفظوها:

﴿ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (109)
والحمد لله رب العالمين
 بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أعطنا ولا تحرمنا وأكرمنا ولا تهنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأرضينا وأرض عنا وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم.
والحمد لله رب العالمين