معجزة موسى عليه السلام في يوم عاشوراء - محمود شلبي

معجزة موسى عليه السلام في يوم عاشوراء

اضغط على الصورة للتكبير

Click on photo to see it big


الايات الكريمة  : 

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)

[ الشعراء : 10 -  68 ]

 Translation (1) : [ Dr. Mohsin Khan ]

[ Holy Quran – Chapter : 26 - Surat :  Ash-Shu’ara’  ( The Poets  ) - Verses : 52 - 68 ]   

In the name of Allah the Almighty God , the Most Beneficent , the Most Merciful 

And We revealed to Mûsa (Moses), saying: "Depart by night with My slaves , verily, you will be pursued." (52) Then Fir'aun (Pharaoh) sent callers to (all) the cities. (53) (Saying): "Verily! these indeed are but a small band. (54) "And verily, they have done what has enraged us; (55) "But we are host all assembled, amply fore-warned." (56) So, We expelled them from gardens and springs, (57) Treasures, and every kind of honourable place. (58) Thus [We turned them (Pharaoh's people) out] and We caused the Children of Israel to inherit them. (59) So they pursued them at sunrise. (60)And when the two hosts saw each other, the companions of Mûsa (Moses) said: "We are sure to be overtaken." (61) [Mûsa (Moses)] said: "Nay, verily! With me is my Lord, He will guide me." (62) Then We revealed to Mûsa (Moses) (saying): "Strike the sea with your stick." And it parted, and each separate part (of that sea water) became like the huge mountain. (63) Then We brought near the others [Fir'aun's (Pharaoh) party] to that place. (64) And We saved Mûsa (Moses) and all those with him. (65) Then We drowned the others. (66) Verily! In this is indeed a sign (or a proof), yet most of them are not believers. (67) And verily, your Lord! He is truly the All-Mighty, the Most Merciful. (68)

 

تفسير وشرح معاني الايات الكريمة : [ تفسير الوسيط في تفسير القرأن الكريم / طنطاوي ] :

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ (52) فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ (53) إِنَّ هَٰؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (54) وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ (55) وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ (56) فَأَخْرَجْنَاهُم مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (57) وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (58) كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ (59) فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ (60) فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً ۖ وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)

[ الشعراء : 10 -  68 ]

قوله - سبحانه - { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ... } معطوف على كلام مقدر يفهم من سياق القصة. والتقدير وبعد أن انتصر موسى على السحرة نصرا جعلهم يخرون ساجدين لله - تعالى - وبعد أن مكث موسى فى مصر حينا من الدهر، يدعو فرعون وقومه إلى إخلاص العبادة لله - تعالى - فلم يستجيبوا له... بعد كل ذلك { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِيۤ } أى سر ببنى إسرائيل ليلا إلى جهة البحر وعبر - سبحانه - عنهم بعبادى. تلطفا بهم بعد أن ظلوا تحت ظلم فرعون مدة طويلة. وقوله - { إِنَّكُم مّتَّبِعُونَ } تعليل للأمر بالإِسراء. أى سر بهم ليلا إلى جهة البحر، لأن فرعون سيتبعكم بجنوده، وسأقضى قضائى فيه وفى جنده. والفاء فى قوله - تعالى - { فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِي ٱلْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ } هى الفصيحة، والحاشرين جمع حاشر والمراد بهم الذين يحشرون الناس ويجمعونهم فى مكان معين، لأمر من الأمور الهامة. قالوا جمعوا له جيشا كبيرا يتكون من مئات الآلاف من الجنود. أى وعلم فرعون بخروج موسى ومعه بنو إسرائيل. فأرسل جنوده ليجمعوا له الناس من المدائن المتعددة فى مملكته. وبعد أن اكتمل عددهم، أخذ فى التهوين من شأن موسى ومن معه فقال { إِنَّ هَـٰؤُلاۤءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ }. والشرذمة الطائفة القليلة من الناس - وخصها بعضهم بالأخساء والسفلة منهم. ومنه قولهم هذا ثوب شرذام، وثياب شراذم، أى رديئة متقطعة. أى إن هؤلاء الذين خرجوا بدون إذنى وإذنكم، لطائفة قليلة من الناس الذين هم بمنزلة العبيد والخدم لى ولكم. { وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ } أى وإنهم بجانب قلتهم، وخروجهم بدون إذننا، يأتون بأقوال وأفعال تغيظنا وتغضبنا، على رأسها اقتراحهم علينا أن نترك ديننا. { وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ } أى متيقظون لمكائدهم، ومحتاطون لمكرهم، وممسكون بزمام الأمور حتى لا يؤثر فينا خداعهم. يقال حذر فلان حذرا - من باب تعب - بمعنى استعد للأمر وتأهب له بيقظة.. وكلام فرعون هذا - الذى حكاه القرآن عنه - يوحى بهلعه وخوفه مما فعله موسى - عليه السلام - إلا أنه أراد أن يستر هذا الهلع والجزع بالتهوين من شأنه ومن شأن الذين خرجوا معه وبتحريض قومه على اللحاق بهم وتأديبهم، وبالظهور بمظهر المستعد هو وقومه لمجابهة الأخطار والتمرد بكل قوة وحزم. قال صاحب الكشاف والمعنى أنهم - أى موسى ومن معه - لقلتهم لا يبالى بهم، ولا يتوقع غلبتهم وعلوهم، ولكنهم يفعلون أفعالا تغيظنا، ونحن قوم من عادتنا التيقظ والحذر واستعمال الحزم فى الأمور، فإذا خرج علينا خارج سارعنا إلى حسم فساده، وهذه معاذير اعتذر بها إلى أهل المدائن لئلا يظن به ما يكسر من قهره وسلطانه، وقرىء حذرون.

 والحذر اليقظ. والحاذر الذى يجدد حذره. ثم حكى - سبحانه - بعد ذلك ما اقتضته إرادته ومشيئته فى فرعون وقومه فقال { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } أى فأخرجناهم بقدرتنا وإرادتنا من { جَنَّاتٍ }. أى بساتين كانوا يعيشون فيها { وَعُيُونٍ } عذبة الماء كانوا يشربون منها. { وَكُنُوزٍ } أى وأموال كانت تحت أيديهم { وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } أى ومساكن حسنة جميلة كانوا يقيمون فيها. أى أخرجناهم من كل ذلك بقدرتنا ومشيئتنا، ليلقوا مصيرهم المحتوم وهو الغرق، بسبب إصرارهم على كفرهم وطغيانهم. وقوله { كَذَلِكَ } خبر لمبتدأ محذوف. أى الأمر كذلك. وقوله { وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ } أى وأورثنا تلك الجنات والعيون والكنوز والمنازل الحسنة لبنى إسرائيل. قال الجمل وقوله { وَأَوْرَثْنَاهَا } أى الجنات والعيون والكنوز لبنى إسرائيل، وذلك أن الله - عز وجل - رد بنى إسرائيل إلى مصر بعد هلاك فرعون وقومه، فأعطاهم جميع ما كان لفرعون وقومه من الأموال والمساكن الحسنة... والظاهر أن هذه الجملة اعتراضية، وأن قوله - بعد ذلك - { فَأَتْبَعُوهُم } معطوف على قوله - تعالى - { فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ }.. لأن إعطاء البساتين وما بعدها لبنى إسرائيل، كان بعد هلاك فرعون وقومه. ومن العلماء من يرى أن بنى إسرائيل لم يعودوا لمصر بعد هلاك فرعون وقومه، وأن الضمير فى قوله - تعالى - { وَأَوْرَثْنَاهَا } لا يعود إلى الجنات والعيون التى أخرج الله - تعالى - منها فرعون وقومه. فيقول ولا يعرف أن بنى إسرائيل عادوا إلى مصر بعد خروجهم إلى الأرض المقدسة، وورثوا ملك مصر وكنوز فرعون ومقامه، لذلك يقول المفسرون إنهم ورثوا مثل ما كان لفرعون وملئه. فهى وراثة لنوع ما كانوا فيه من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم ". وقيل المراد بالوراثة هنا وراثة ما استعاره بنو إسرائيل من حلى آل فرعون عند خروجهم من مصر مع موسى - عليه السلام -. ويبدو لنا أنه لا مانع من عودة الضمير فى قوله - تعالى { وَأَوْرَثْنَاهَا } إلى الجنات والعيون والكنوز التى أخرج الله - تعالى - منها فرعون وقومه، بأن عاد موسى ومن معه إلى مصر - لفترة معينة - بعد هلاك فرعون وملئه، ثم خرجوا منها بعد ذلك مواصلين سيرهم إلى الأرض المقدسة، التى أمرهم موسى - عليه السلام - بدخولها. ولعل مما يؤيد ما نرجحه قوله - تعالى -{ وَأَوْرَثْنَا ٱلْقَوْمَ ٱلَّذِينَ كَانُواْ يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ ٱلأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ٱلْحُسْنَىٰ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ } وقوله - سبحانه -{ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ }ثم بين - سبحانه - بعد ذلك ما حدث من فرعون وقومه، وما قاله بنو إسرائيل عندما شاهدوهم، فقال - تعالى - { فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ }. أى أخرجنا فرعون وقومه من أموالهم ومساكنهم... فساروا مسرعين خلف موسى ومن معه، { فَأَتْبَعُوهُم } أى فلحقوا بهم { مُّشْرِقِينَ } أى فى وقت شروق الشمس يقال أشرق فلان إذا دخل فى وقت الشروق، كأصبح إذا دخل فى وقت الصباح. { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ } أى تقاربا بحيث يرى كل فريق خصمه. { قَالَ } بنو إسرائيل لنبيهم موسى - عليه السلام - والخوف يملأ نفوسهم { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } أى سيدركنا بعد قليل فرعون وجنوده، ولا قدرة لنا... على قتالهم.. وهنا رد عليهم موسى - عليه السلام - بثقة وثبات بقوله { كَلاَّ } أى كلا لن يدركوكم، فاثبتوا ولا تجزعوا { إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ }. بهذا الجزم والتأكيد رد موسى على بنى إسرائيل، وهو رد يدل على قوة إيمانه، وثبات يقينه، وثقته التى لا حدود لها فى نصر الله - تعالى - له، وفى هدايته إياه إلى طريق الفوز والفلاح. ولم يطل انتظار موسى لنصر الله - تعالى - بل جاءه سريعا متمثلا فى قوله - سبحانه - { فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } أى البحر الأحمر - على أرجح الأقوال - وهو الذى كان يسمى ببحر القلزم. فضربه { فَٱنفَلَقَ } إلى اثنى عشر طريقا { فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ } أى قسم منه { كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } أى كالجبل الشامخ الكبير. وسار موسى ومن معه فى الطريق اليابس بين أمواج البحر - بقدرة الله - تعالى -، { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } أى وقربنا - بقدرتنا وحكمتنا - هنالك القوم الآخرين وهم فرعون وجنوده. أى قربناهم من موسى وقومه فدخلوا وراءهم فى الطريق الذى سلكوه بين أمواج البحر، فماذا كانت النتيجة؟ كانت النتيجة أن خرج موسى ومن معه سالمين، أما فرعون وجنوده فقد انطبق عليهم البحر فأغرقهم أجمعين. وصدق الله إذ يقول { وَأَنجَيْنَا } - أى بقدرتنا ورحمتنا - { مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ } من الغرق ومن لحاق فرعون بهم. { ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } وهم فرعون وجنوده. ثم ختم - سبحانه - هذه القصة - كما ختم غيرها - بقوله { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }. أى إن فى ذلك الذى قصصناه عليك - أيها الرسول الكريم - من قصة موسى وفرعون، { لآيَةً } عظيمة تدعو إلى إخلاص العبادة والطاعة لنا، ومع ذلك فلم يؤمن بما جاء به نبينا موسى، إلا عدد قليل، { وَإِنَّ رَبَّكَ } - أيها الرسول الكريم - { لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ }. أى الغالب المنتقم من أعدائه { ٱلرَّحِيمُ } أى الواسع الرحمة بأوليائه، حيث جعل العاقبة لهم. وهكذا ساق لنا - سبحانه - هنا جانبا من قصة موسى - عليه السلام - بهذا الأسلوب البديع، لتكون عبرة وعظة لقوم يؤمنون

يوم عاشوراء :

يوم عاشوراء هواليوم العاشر من شهر محرم وهو اليوم الذي نجى الله تبارك وتعالى النبي موسى عليه السلام  ومن معه من المؤمنين  من فرعون وجنوده الذي كانوا يلاحقونهم  ليقتلوهم فلما  وصل نبي الله موسى والمؤمنين معه الى البحر  اصبحوا محاصرين  حيث كان  البحر من امامهم  وفرعون وجنوده من خلفهم  وظن البعض ممن كان مع موسى عليه السلام  بانهم سيقعون بايدى فرعون وجنوده  ويتم قتلهم  ولكن نبي الله قال لهم بان الله عز وجل  معه ويؤيده  . فايد الله تبارك وتعالى  موسى عليه السلام بمعجزة عظيمة وانجى موسى عليه  ومن معه من الهلاك بفضله وقدرته بان فرق لهم البحر حيث امرالله عز وجل  موسى عليه السلام بان يضرب بعصاه البحر فانشق البحر الى جزئين او كتلتين ضخمتين من الماء ( كالجبال ) وبينهما  طريق  من اليابسة (قعر البحر)  فسار موسى والمؤمنون في هذه الطريق حتى وصلوا الى الجانب الاخر من البحر ولما وصل فرعون وجنوده الى البحر قاموا بمحاولة اللحاق  بالنبي موسى عليه السلام والمؤمنين  فدخلوا بين شقي البحر  وما ان اصبحوا في وسط البحر اطبقت عليهم المياه من الجانبين فاغرقت فرعون وجميع جنوده وقد حدثت هذه المعجزة  في يوم عاشوراء .

 سنة صيام يوم عاشوراء :

يعتبر اليوم العاشر من شهر محرّم هو يوم عاشوراء عند المسلمين، وهو من الأيّام المستحبّ صيامها عند أكثر أهل العلم، وقد ورد في ذلك الكثير من الأحاديث التي تذكر فضل يوم عاشوراء وأجر صيامه.

سبب صيام عاشوراء
لقد كان السّبب الرّئيسي وراء تشريع صيام يوم عاشوراء هو أنّ الله سبحانه وتعالى قد نجّى فيه سيّدنا موسى عليه السّلام وقومه بني إسرائيل من بطش فرعون وملئه، فقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (قدم النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله بني إسرائيل من عدوّهم، فصامه موسى - عند مسلم شكراً - فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأنا أحقّ بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه).

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يوم عاشوراء يوماً تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يصومه، فلمّا قدم المدينة صامه، وأمر النّاس بصيامه، فلمّا فرض رمضان قال: من شاء صامه ومن شاء تركه) رواه البخاري ومسلم، وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: (إنّ هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب عليكم صيامه، وأنا صائم فمن شاء صام، ومن شاء فليفطر) رواه البخاري ومسلم .

ومن المستبحبّ أن يصوم المسلم اليوم التّاسع مع اليوم العاشر من محرّم، وذلك لما ثبت في الحديث عن ابن عباس رضي الله عنه قال: (لمّا صام رسول الله يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، إنّه يوم تعظمه اليهود والنّصارى، فقال: إذا كان عام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع، قال: فلم يأت العام المقبل حتّى توفّي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) رواه مسلم.

حكم صيام عاشوراء
عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: (أمَر النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم - رجلًا من أسلَمَ: أن أذِّنْ في النّاسِ: أن مَن كان أكَل فليَصُمْ بقيةَ يومِه، ومَن لم يكُنْ أكَل فليَصُمْ، فإنّ اليومَ يومُ عاشوراءَ) رواه البخاري، وقد وردت الكثير من الأحاديث في التّخيير في أمر الصّيام، فمن شاء صام ومن شاء ترك الصّيام، وقد جاء هذا التّخيير في الأحاديث لإبطال الإيجاب، وليس لإبطال الاستحباب، وذلك لأنّ صيام يوم عاشوراء كان في بداية الإسلام أمراً واجباً أمر به الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - حتّى أنّه كان قد أمر من تناول الطّعام أن يمسك ويصوم، وذلك كما ورد في حديث سلمة بن الأكوع السّابق، والنّبي - صلّى الله عليه وسلّم - صامه وأمر المسلمين بصيامه.

وقد شرع لنا الله عزّ وجلّ أن نخالف أهل الكتاب من خلال صيام يوم قبله، فقد ورد في مسند أحمد، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (لئن سَلِمْتُ إلى قابلٍ لأصومَنَّ التاسعَ، يعني عاشوراءَ)، فلم يأت العام التّالي إلا وقد توفّي النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وقد جاء الأمر بصيام يوم قبل يوم عاشوراء ويوم بعده.

ولا يعدّ صيام يوم عاشوراء مشابهةً لأهل الكتاب، لأنّنا كمسلمين نأخذ بالسّبب الذي أخذوا به وهو لنا في الشّرع صحيح، وهم قد أخذوا به وهم كفّار وبالتالي فإنّه لا ينفعهم في شيء، فقد أخرج مسلم: (كان أهلُ خيبرَ يصومون يومَ عاشوراءَ، يتَّخِذونَه عيدًا، ويُلبسُون نساءَهم فيه حُلِيَّهُم وشارَتَهم، فقال رسولُ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - فصوموه أنتُم).

وقد قال بعض الفقهاء إنّه يكره صيام عاشوراء وحده، وقال بعضهم إنّه أمر مباح، وقد اختار شيخ الإسلام: أنّه لا يكره صيام عاشوراء وحده، ولا شكّ أنّه ينبغي أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، ولا يصومه وحده، ولكن لو أنّ إنساناً لم يستطع صوم عاشوراء إلا وحده فحينئذٍ نقول تزول الكراهة للحاجة، أمّا لغير حاجة فلا ينبغي صيامه وحده، وهذا ابن عباس راوي بعض أحاديث صيام يوم عاشوراء يصوم يوماً قبله ويوماً بعده مع صيام عاشوراء.

مراتب صيام عاشوراء
ورد في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنّه قال: (حين صام رسول ‏الله - صلّى الله عليه وسلّم - يوم عاشوراء، وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله: إنّه يوم تعظّمه ‏اليهود والنّصارى! فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فإذا كان العام المقبل إن شاء ‏الله، صمنا اليوم التاسع. قال: فلم يأت العام المقبل، حتى توفّي رسول الله صلّى الله عليه ‏وسلّم) رواه مسلم.

وورد عند الإمام أحمد في ‏المسند، والبيهقي في السّنن، عن ابن عباس، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (صوموا يوم ‏عاشوراء وخالفوا فيه اليهود: صوموا قبله يوماً، وبعده يوماً)، وعند الإمام أحمد أيضاً وابن خزيمة: (صوموا يوماً قبله أو يوماً بعده).

وبناءً على هذه الأحاديث وغيرها، فإنّ مراتب صيام يوم عاشوراء تكون ثلاثةً، حيث قال ابن القيم: (فمراتب صومه ‏ثلاثة: أكملها: أن يصام قبله يوم وبعده يوم، ويلي ذلك أن يصام التّاسع والعاشر، وعليه ‏أكثر الأحاديث، ويلي ذلك إفراد العاشر وحده بالصّوم. وأمّا إفراد التاسع، فمن نقص ‏فهم الآثار، وعدم تتبع ألفاظها وطرقها، وهو بعيد من اللغة والشّرع) زاد ‏المعاد لابن القيم، كما أنّ ابن حجر قد ذكر هذه المراتب في كتابه فتح الباري.

فضل صيام عاشوراء
عن أبي قَتادة رضي الله تعالى عنه، عن الرّسول - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (صوم عاشوراء يكفِّر السّنة الماضية، وصوم عرفة يكفِّر سنتين: الماضية والمستقبَلة) رواه النَّسائي في السّنن الكبرى، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه قال: (ما رأيت النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يتحرّى صيام يومٍ فضَّله على غيره إلا هذا اليوم، يوم عاشوراء، وهذا الشّهر، يعني شهر رمضان) رواه البخاري، ومسلم، والنَّسائي، وأحمد.

ويوم عاشوراء هو اليوم العاشر من شهر الله المحرّم على الصّحيح، وهذا هو ما ذهب إليه جمهور العلماء، وهو ليس اليوم التّاسع كما يقول البعض منهم، وذلك أنّ كلمة عاشوراء جاءت بمعنى اليوم العاشر، وهذا هو مقتضى الاشتقاق والتّسمية، وأنَّ اليوم التاسع يسمى تاسوعاء.

وأمّا جزاء صيام يوم عاشوراء فإنّه تكفير لذنوب العام الماضي، وذلك لما جاء في صحيح مسلم: (أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلم - سئل عن صوم يوم عاشوراء؟ فقال: يكفّر السّنة الماضية).

أحاديث عن عاشوراء وردت الكثير من الأحاديث والأقوال التي تذكر فضل صيام يوم عاشوراء، وهي على النّحو الآتي:
 
عن عبد الله بن أبي يزيد، أنّه سمع ابنَ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما، وسُئل عن صيامِ يومِ عاشوراءَ، فقال: (ما علمتُ أنَّ رسولَ اللهِ - صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ - صام يومًا، يطلُبُ فضلُه على الأيّامِ، إلا هذا اليومَ. ولا شهرًا إلا هذا الشهرَ، يعني رمضانَ) رواه مسلم، وفي لفظ: (ما رأيت النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - يتحرّى صيام يوم فضّله على غيره إلا هذا اليوم: يوم عاشوراء..) أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي، وأحمد.

عن أبي قتادة رضي الله عنه، أنّ النّبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال: (صيام يوم عاشوراء، أحتسب على اللَّه أن يكفر السّنة التي قبله) أخرجه مسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد، والبيهقي .

قال النّووي: (يكفّر كلّ الذّنوب الصّغائر، وتقديره يغفر ذنوبه كلها إلا الكبائر)، ثمّ قال: (صوم يوم عرفة كفارة سنتين، ويوم عاشوراء كفارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.. كلّ واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفّره، وإن لم يصادف صغيرةً ولا كبيرةً كتبت به حسنات، ورفعت له به درجات، وإن صادف كبيرةً أو كبائر، ولم يصادف صغائر، رجونا أن تخفّف من الكبائر) المجموع.

وقال ابن تيمية: (وتكفير الطّهارة، والصّلاة، وصيام رمضان، وعرفة، وعاشوراء للصغائر فقط) الفتاوى الكبرى.

الأمر بصيامه
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:(قدم رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - المدينة، فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح، نجّى الله فيه موسى وبني إسرائيل من عدوّهم، فصامه، فقال: أنا أحقّ بموسى منكم فصامه وأمر بصيامه) أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، وابن ماجه، والبيهقي .

عن الرُّبيع بنت معوِّذ رضي الله عنها قالت: (أرسل رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: من كان أصبح صائماً فليتمّ صومه، ومن كان مفطراً فليتمّ بقيّة يومه، فكنّا بعد ذلك نصومه، ونصوِّمه صبياننا الصّغار، ونذهب إلى المسجد، فنجعل لهم اللعبة من العهن، فإذا بكى أحدهم أعطيناها إيّاه، حتى يكون الإفطار) أخرجه البخاري، ومسلم، وأحمد، وابن حبّان، والطبراني، والبيهقي .

عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، أنّ رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أمر رجلاً من أسلم: (أن أذِّن في النّاس: من كان أكل فليصم بقية يومه، ومن لم يكن أكل فليصم، فإنّ اليوم عاشوراء) أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي، والدّارمي، وابن خزيمة، وابن حبّان، والبيهقي، والبغوي في شرح السّنة .

عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (كان يوم عاشوراء يوماً تعظّمه اليهود، وتتخذه عيداً، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: صوموه أنتم)، وفي رواية لمسلم: (كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء، يتّخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليّهم وشارتهم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فصوموه أنتم) أخرجه البخاري ومسلم . ا

التخيير في صيامه
عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان عاشوراء يصام قبل رمضان، فلما نزل رمضان كان من شاء صام، ومن شاء أفطر)، وفي رواية: (كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يصومه في الجاهلية، فلمّا قدم المدينة صامه، وأمر بصيامه، فلمّا فرض رمضان ترك يوم عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه) أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي، وأحمد .

عن عائشة رضي الله عنها: (أنّ قريشاً كانت تصوم عاشوراء في الجاهليّة، ثمّ أمر رسول الله بصيامه، حتّى فرض رمضان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: من شاء فليصمه، ومن شاء فليفطره) رواه مسلم، وفي رواية للبخاري: (كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان، وكان يوماً تستر فيه الكعبة) أخرجه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والترمذي.

عن حميد بن عبدالرحمن أنّه سمع معاوية رضي اللَّه عنه يقول: سمعت رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يقول: (هذا يوم عاشوراء، ولم يكتب الله عليكم صيامه، وأنا صائم، فمن شاء فليصم، ومن شاء فليفطر) أخرجه البخاري، ومسلم، والنّسائي، وابن حبّان .

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - يأمر بصيام يوم عاشوراء، ويحثّنا عليه، ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا، ولم يتعاهدنا عنده) أخرجه مسلم، وأحمد، وابن خزيمة.