اعظم صلاة في تاريخ البشرية - سبحان الذي اسرى بعبده ليلا - محمود شلبي

 

اعظم صلاة في تاريخ البشرية 

The greatest prayer in history of mankind 

اضغط على الصورة للتكبير
Click on photo to see it big 

اعظم صلاة في تاريخ البشرية  :

 اعظم صلاة للمسلمين في تاريخ البشرية منذ عهد سيدنا ادم عليه السلام  وحتى يوم القيامة هي  الصلاة التي كان  الامام فيها هو حضرة الرسول الكريم الحبيب  محمد صلى الله عليه وسلم  وهي الصلاة التي كان جميع  المصلين  فيها هم من الانبياء والرسل الكرام عليه السلام اجمعين  وكان عددهم 124 الف رسول ونبي  وهم جميع الانبياء والرسل الذين بعثهم الله تبارك وتعالى لهداية بني البشر منذ عهد ادم وحتى عهد الرسول الكريم  خاتم الانبياء والمرسليين  ,  وهذه الصلاة هي صلاة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  في المسجد الاقصى المبارك  في ليلة الاسراء والمعراج المباركة  وهذه الصلاة هي  بحق اعظم صلاة للمسلمين في تاريخ البشرية منذ عهد سيدنا ادم وحتى تقوم الساعة  حيث صلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلام  اماما  بجميع  الانبياء والرسل  الكرام)  124 الف نبي ورسول كريم )   قبل ان يصعد بالبراق الى السموات العلى  ليرى من ايات الله تبارك وتعالى ما لم يشهده  احد من البشر ولا حتى اي واحد من الانبياء والرسل الكرام قبله  ، وهذا ان دل على شيء فانما يدل على مدى علو مكانة ومنزلة الرسول الكريم الحبيب سيد وخاتم الانبياء والمرسلين  وخير واشرف الخلق  صلوات الله وسلامه عليه . ويدل ايضا على مدى  قدسية ومكانة  المسجد الاقصى المبارك حيث اجتمع فيه الرسول الكريم خاتم الانبياء والمرسلين  بجميع الانبياء والرسل الكرام  الذين بعثهم الله تبارك وتعالى للبشر في  مختلف العصور والازمنة  منذ عهد سيدنا ادم عليه السلام .

اللهم صلى وسلم وبارك على حضرة الرسول الكريم  اشرف الخلق وسيد  وخاتم الانبياء والمرسلين !

الصورة هي صورة لاكثر من  400 الف  مصلي من ابناء الشعب الفلسطيني  اجتمعوا من مدينة القدس المحتلة  وجميع محافظات الضفة وقطاع غزة  واراضي عام 1948 لاحياء ليلة القدر في رحاب المسجد الاقصى  المبارك  وحيث  صلى الرسول الكريم الحبيب صلى الله عليه وسلم  اماما  بجميع الانبياء والمرسلين قبل ان يعرج ويصعد الى السموات العلى على ظهر البراق في ليلة الاسراء والمعراج  وكان عدد الانبياء والرسل الذين حضروا في هذه الليلة المباركة  هو  124 الف  نبي ورسول  منهم 315  رسول  عليهم السلام اجمعين  . ان عدد المصلين  من ابناء فلسطين الحبيبة في هذه الصورة  هو مقارب لعدد الانبياء والرسل الكرام الذي أمَّ  بهم الرسول الكريم في صلاته في المسجد الاقصى قبل ان يعرج الى السموات العلى على ظهر البراق  . ونستطيع ان نقول بان هذا  المشهد هو مقارب ( من حيث اعداد المصلين )  لمشهد الانبياء والرسل الكرام الذين صلوا مع الرسول الكريم الحبيب في المسجد الاقصى المبارك  في ليلة الاسراء والمعراج ، فهكذا تقريبا كان يبدوا مشهد الانبياء والرسل الكرام  الذين أم بهم الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في ليلة الاسراء والمعراج المباركة حيث ان عدد هؤلاء الانبياء والرسل الكرام كان 124 الف  نبي ورسول  كريم  منهم 315  رسول كريم  عليهم السلام اجمعين .

الاية الكريمة : 
 بسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)
[ الاسراء 1 ]

Translation (1) : [ By : Dr. Mohsin Khan ]
Holy Quran – chapter (17) – Surat : Al- Israa ( the night journey ) – Verse : 1 .
In the name of Allah, the Almighty God ,  the All Beneficent, the All Merciful.
Glorified (and Exalted) is He (Allâh) [above all that (evil) they associate with Him]. Who took His slave (Muhammad SAW) for a journey by night from Al-Masjid-al-Harâm (at Makkah) to Al-Masjid-al-Aqsa (in Jerusalem), the neighbourhood whereof We have blessed, in order that We might show him (Muhammad SAW) of Our Ayât (proofs, evidences, lessons, signs, etc.). Verily, He is the All-Hearer, the All-Seer .
Translation (2) : 
Holy Quran – chapter (17) – Surat : Al- Israa ( the night journey ) – Verse : 1 .
In the name of Allah, the Almighty God ,  the All Beneficent, the All Merciful.

Glorified  and Exalted is He ( ALLAH SWT)  who carried His Slave  (Prophet Muhammad  PBUH ) to travel in the night from the Sacred Mosque (at Makkah ) to the Furthest Mosque ( in Jerusalim)  which We have blessed around it so that We might show him some of Our signs. He is the All-Hearer, the the All - Seer.

Translation (3) :
Holy Quran – chapter (17) – Surat : Al- Israa ( the night journey ) – Verse : 1 .
In the name of Allah, the Almighty God ,  the All Beneficent, the All Merciful.

1: GLORY TO HIM who took His votary to a wide and open land from the Sacred Mosque (at Makkah) to the distant Mosque  whose precincts We have blessed, that We may show him some of Our signs. Verily He is all-hearing and all-seeing.

Translation (4) :
Holy Quran – chapter (17) – Surat : Al- Israa ( the night journey ) – Verse : 1 .
In the name of Allah, the Almighty God ,  the All Beneficent, the All Merciful.

Glorified be He Who carried His servant by night from the Inviolable Place of Worship to the Far distant place of worship the neighbourhood whereof We have blessed, that We might show him of Our tokens! Lo! He, only He, is the Hearer, the Seer.
  


:تفسير الاية الكريمة [ تفسير الوسيط في تفسير القرأن الكريم / طنطاوي ]

بسم الله الرحمن الرحيم
سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1)
[ الاسراء 1 ]

افتتحت سورة الإِسراء بتنزيه الله - تعالى - عن كل ما لا يليق بجلاله، كما يدل على ذلك لفظ " سبحان " الذى من أحسن وجوه إعرابه، أنه اسم مصدر منصوب - على أنه مفعول مطلق - بفعل محذوف، والتقدير سبحت الله - تعالى - سبحانا أى تسبيحا، بمعنى نزهته تنزيها عن كل سوء. قال القرطبى " وقد روى طلحة بن عبيد الله الفياض أحد العشرة - أى المبشرين بالجنة - أنه قال للنبى صلى الله عليه وسلم ما معنى سبحان الله؟ فقال " تنزيه الله من كل سوء ". وقوله { أسرى } من الإِسراء، وهو السير بالليل خاصة. قال الجمل يقال أسرى وسرى، بمعنى سار فى الليل، وهما لازمان، لكن مصدر الأول الإِسراء ومصدر الثانى السرى - بضم السين كالهدى - فالهمزة ليست للتعدية إلى المفعول، وإنما جاءت التعدية هنا من الباء. ومعنى أسرى به، صيره ساريا فى الليل. والمراد { بعبده } خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم، والإِضافة للتشريف والتكريم. وأوثر التعبير بلفظ العبد، للدلالة على أن مقام العبودية لله - تعالى - هو أشرف صفات المخلوقين وأعظمها وأجلها، إذ لو كان هناك وصف أعظم منه فى هذا المقام لعبر به، وللإِشارة - أيضا - إلى تقرير هذه العبودية لله - تعالى - وتأكيدها، حتى لا يلتبس مقام العبودية بمقام الألوهية، كما التبسا فى العقائد المسيحية، حيث أَلهوا عيسى - عليه السلام -، وأَلهوا أمه مريم، مع أنهما بريئان من ذلك.. قال الشيخ القاسمى نقلا عن الإِمام ابن القيم فى كتاب " طريق الهجرتين " أكمل الخلق أكملهم عبودية لله - تعالى -، ولهذا كان النبى صلى الله عليه وسلم أقرب الخلق إلى الله - تعالى - وأعظمهم عنده جاها، وأرفعهم عنده منزلة، لكماله فى مقام العبودية. وكان صلى الله عليه وسلم يقول " أيها الناس ما أحب أن ترفعونى فوق منزلتى. إنما أنا عبد " وكان يقول " لا تطرونى كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم، إنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ". وذكره - سبحانه - بسمة العبودية فى أشرف مقاماته فى مقام الإِسراء حيث قال { سُبْحَانَ ٱلَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ }. وفى مقام الدعوة حيث قالوَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ } وفى مقام التحدى حيث قالوَإِن كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا } وقوله { ليلا } ظرف زمان لأسرى. قال صاحب الكشاف " فإن قلت الإِسراء لا يكون إلا بالليل فما معنى ذكر الليل؟. قلت أراد بقوله ليلا بلفظ التنكير، تقليل مدة الإِسراء، وأنه أسرى به بعض الليل من مكة إلى الشام مسيرة أربعين ليلة، وذلك أن التنكير فيه قد دل على معنى البعضية.

.. ". وقوله { مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَى } بيان لابتداء الإِسراء وانتهائه. أى جل شأن الله - عز وجل - وتنزه عن كل نقص، حيث أسرى بعبده محمد صلى الله عليه وسلم فى جزء من الليل، من المسجد الحرام الذى بمكة إلى المسجد الأقصى الذى بفلسطين. ووصف مسجد مكة بالحرام، لأنه لا يحل انتهاكه بقتال فيه، ولا بصيد صيده، ولا بقطع شجره. ووصف مسجد فلسطين بالأقصى، لبعده عن المسجد الحرام، إذ المسافة بينهما كان يقطعها الراكب للإِبل فى مدة شهر أو أكثر. قال الآلوسى ووصفه بالأقصى - أى الأبعد - بالنسبة إلى من بالحجاز. وقال غير واحد إنه سمى به لأنه أبعد المساجد التى تزار من المسجد الحرام وبينهما زهاء أربعين ليلة. وقيل - وصف بذلك - لأنه ليس وراءه موضع عبادة فهو أبعد مواضعها... وظاهر الآية يفيد أن الإِسراء كان من المسجد الحرام، فقد أخرج الشيخان والترمذى والنسائى من حديث أنس بن مالك - رضى الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " بينا أنا فى الحجر - وفى رواية - فى الحطيم، بين النائم واليقظان، إذ أتانى آت فشق ما بين هذه إلى هذه، فاستخرج قلبى فغسله ثم أعيد، ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض يقال له البراق فحملت عليه ". وقيل أُسرِى به من بيت أم هانئ بنت أبى طالب، فيكون المراد بالمسجد الحرام الحرم لإِحاطته بالمسجد والتباسه به. فعن ابن عباس - رضى الله عنهما - الحرم كله مسجد. ويمكن الجمع بين هذه الروايات، بأن الرسول صلى الله عليه وسلم بقى فى بيت أم هانئ لفترة من الليل، ثم ترك فراشه عندها وذهب إلى المسجد، فلما كان فى الحِجْر أو فى الحطيم بين النائم واليقظان، أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به إلى السماوات العلا. ثم عاد إلى فراشه قبل أن يبرد - كما جاء فى بعض الروايات. وبذلك يترجح لدينا أن وجود الرسول صلى الله عليه وسلم فى تلك الليلة فى بيت أم هانئ، لا ينفى أن الإِسراء بدأ من المسجد الحرام، كما تقرر الآية الكريمة. وقوله { ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ } صفة مدح للمسجد الأقصى. أى جل شأن الله الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، الذى أحطنا جوانبه بالبركات الدينية والدنيوية. أما البركات الدينية فمن مظاهرها أن هذه الأرض التى حوله، جعلها الله - تَعالى - مقرا لكثير من الأنبياء، كإبراهيم وإسحاق ويعقوب، وداود وسليمان، وزكريا ويحيى وعيسى. قال - تعالى 

وَلِسُلَيْمَانَ ٱلرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا.. } وقال - سبحانه - فى شأن إبراهيموَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى ٱلأَرْضِ ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } والمقصود بهذه الأرض أرض الشام، التى منها فلسطين. وأما البركات الدنيوية فمن مظاهرها كثرة الأنهار والأشجار والثمار والزروع فى تلك الأماكن. قال بعض العلماء وقد قيل فى خصائص المسجد الأقصى أنه متعبد الأنبياء السابقين، ومسرى خاتم النبيين، ومعراجه إلى السماوات العلا.. وأولى القبلتين وثاني المسجدين، وثالث الحرمين، لا تشد الرحال بعد المسجدين إلا إليه. وقوله - سبحانه - { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ } إشارة الى الحكمة التى من أجلها أسرى الله - تعالى - بنبيه صلى الله عليه وسلم فقوله { لنريه } متعلق بأسرى. و " من " للتبعيض لأن ما رآه النبى صلى الله عليه وسلم وإن كان عظيما إلا أنه مع عظمته بعض آيات الله بالنسبة لما اشتمل عليه هذا الكون من عجائب. أى أسرينا بعبدنا محمد ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله، ثم عرجنا به إلى السماوات العلا، لنطلعه على آياتنا، وعلى عجائب قدرتنا، والتى من بينها مشاهدته لأنبيائنا الكرام، ورؤيته لما نريد أن يراه من عجائب وغرائب هذا الكون. ولقد وردت أحاديث متعددة فى بيان ما أراه الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم فى تلك الليلة المباركة، ومن ذلك ما رواه البخارى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "... ووجدت فى السماء الدنيا آدم فقال لى جبريل هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه ورد على آدم السلام فقال مرحبا وأهلا بابنى، فنعم الابن أنت.. ". وفى رواية للإِمام أحمد عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما عرج بى ربى - عز وجل - مررت بقوم لهم أظفار من نحاس، يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون فى أعراضهم.. ". ثم ختم - سبحانه - الآية الكريمة بما يدل على سعة علمه، ومزيد فضله فقال - تعالى - { إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ }. أى إنه - سبحانه - هو السميع لأقوال عباده مؤمنهم وكافرهم، مصدقهم ومكذبهم. بصير بما يسرونه ويعلنونه، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب، بدون ظلم أو محاباة. هذا وقد ذكر المفسرون عند تفسيرهم لهذه الآية جملة من المسائل منها 1- أن هذه الآية دلت على ثبوت الإِسراء للنبى صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وأما العروج به صلى الله عليه وسلم إلى السماوات العلا فقد استدل عليه بعضهم بآيات سورة النجم، وهى قوله - تعالى 

وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } وقد ساق الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية أحاديث كثيرة بأسانيدها ومتونها، وقال فى أعقاب ذكر بعضها قال البيهقى وفى هذا السياق دليل على أن المعراج كان ليلة أسرى به - عليه الصلاة والسلام - من مكة إلى بيت المقدس، وهذا الذى قاله هو الحق الذى لا شك فيه ولا مرية. وقال القرطبى ثبت الإِسراء فى جميع مصنفات الحديث، وروى عن الصحابة فى كل أقطار الإِسلام، فهو من المتواتر بهذا الوجه، وذكر النقاش ممن رواه عشرين صحابيا. 2- قال بعض العلماء ما ملخصه ذهب الاكثرون إلى أن الإِسراء كان بعد المبعث، وأنه قبل الهجرة بسنة. قاله الزهرى وابن سعد وغيرهما. وبه جزم النووى، وبالغ ابن حزم فنقل الإِجماع فيه. وقال كان فى رجب سنة اثنتى عشرة من النبوة. وإختار الحافظ المقدسى أنه كان فى ليلة السابع والعشرين من شهر رجب. والذى تطمئن إليه النفس أن حادث الإِسراء والمعراج، كان بعد وفاة أبى طالب والسيدة خديجة - رضى الله عنها -. ووفاتهما كانت قبل الهجرة بسنتين أو ثلاثة. وفى هذه الفترات التى أعقبت وفاتهما اشتد أذى المشركين بالنبى صلى الله عليه وسلم فكان هذا الحادث لتسليته صلى الله عليه وسلم عما أصابه منهم، ولتشريفه وتكريمه.. 3- من المسائل التى ثار الجدل حولها، مسألة أكان الإِسراء والمعراج فى اليقظة أم فى المنام؟ وبالروح والجسد أم بالروح فقط؟. وقد لخص بعض المفسرين أقوال العلماء فى هذه المسألة فقال اعلم أن هذا الإِسراء به صلى الله عليه وسلم المذكور فى هذه الآية الكريمة زعم بعض أهل العلم أنه بروحه دون جسده، زاعما أنه فى المنام لا فى اليقظة، لأن رؤيا الأنبياء وحى. وزعم بعضهم أن الإِسراء بالجسد، والمعراج بالروح دون الجسد. ولكن ظاهر القرآن يدل على أنه بروحه وجسده صلى الله عليه وسلم يقظة لا مناما، لأنه قال { بعبده } والعبد مجموع الروح والجسد. ولأنه قال { سبحان } والتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام، فلو كان مناما لم يكن له كبير شأن حتى يتعجب منه. ولأنه لو كان رؤيا منام لما كان فتنة، ولا سببا لتكذيب قريش له صلى الله عليه وسلم لأن رؤيا المنام ليست محل إنكار لأن المنام قد يرى فيه ما لا يصح. ولأنه - سبحانه - قال { لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ } والظاهر أن ما أراه الله - تعالى - لنبيه صلى الله عليه وسلم إنما كان رؤيا عن طريق العين ويؤيده قوله - تعالى - { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ } ولأنه ثبت فى الأحاديث الصحيحة أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد استعمل فى رحلته البراق، واستعماله البراق يدل على أن هذا الحادث كان بالروح والجسد وفى اليقظة لا فى المنام.

وما ثبت فى الصحيحين عن طريق شريك عن أنس - رضى الله عنه - أن الإِسراء المذكور وقع مناما، لا ينافى ما ذكرنا مما عليه أهل السنة والجماعة، ودلت عليه نصوص الكتاب والسنة من أنه كان يقظة وبالروح والجسد، لإِمكان أنه صلى الله عليه وسلم رأى الإِسراء المذكور مناما، ثم جاءت تلك الرؤيا كفلق الصبح، فأسرى به يقظة تصديقا لتلك الرؤيا المنامية. هذا، ومن العلماء الذين فصلوا القول فى تلك المسألة تفصيلا محققا، القاضى عياض فى كتابه " الشفا " فقد قال - رحمه الله - بعد أن ساق الآراء فى ذلك والحق فى هذا والصحيح - إن شاء الله - أنه إسراء بالروح والجسد فى القصة كلها، وعليه تدل الآية وصحيح الأخبار والاعتبار. ولا يعدل عن الظاهر والحقيقة إلى التأويل إلا عند الاستحالة، وليس فى الإِسراء بجسده وروحه حال يقظته استحالة.... وما قاله القاضى عياض - رحمه الله - فى هذه المسألة هو الذى نعتقده، ونلقى الله - تعالى - عليه. وبعد أن بين الله - سبحانه - جانبا من مظاهر تكريمه وتشريفه لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق إسرائه به. أتبع ذلك بالحديث عما أكرم به نبيه موسى - عليه السلام - فقال { وَآتَيْنَآ مُوسَى ٱلْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً... }.

( معلومات عن المسجد الاقصى )
يقع المسجد الأقصى في قلب مدينة القدس، ويعتبر من أقدم المساجد على وجه الأرض، حيثُ روي عن النبي أنه بُني بعد الكعبة بأربعين سنة. وقد ورد ذكره في القرآن الكريم؛ لتعظيمه، حيثُ شهد رحلتي الإسراء والمعراج، وذلك بقوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البصير". وهو أحد المساجد الثلاثة، التي تُشد الرحال إليها، كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى».
مآذن المسجد الاقصى :
للمسج الأقصى أربع مآذن، هي مئذنة باب المغاربة الواقعة الجنوب الغربي، مئذنة باب السلسلة الواقعة في الجهة الغربية قرب باب السلسلة، مئذنة باب الغوانمة الواقعة في الشمال الغربي، ومئذنة باب الأسباط الواقعة في الجهة الشمالية.
قباب المسجد الاقصى :
له أربع عشرة قبة ومنها: قبة الأرواح، قبة النبي، قبة موسى، قبة سليمان.
أبواب المسجد الاقصى :
له خمسة عشر باباً، منها عشرة مفتوحة والباقي مغلقة ومنها: باب المغاربة، باب الأسباط.
الأروقة في المسجد الاقصى :
له رواقان هما الرواق الشرقي والرواق الغربي.
البوائك: له ثماني بوائك.
مساجده الفرعية:
المسجد القبلي: يقع جنوب المسجد الأقصى وقبته رصاصية اللون.
مصلى الأقصى القديم: ويقع تحت المسجد القبلي.
المصلى المرواني: ويقع أسفل الزاوية الجنوبية الشرقية للمسجد الأقصى، وكان يُعرَف قديماً «بالتسوية الشرقية».
مسجد قبة الصخرة: وتعتبر قبّته أحد أهم وأبرز المعالم المعمارية الإسلامي، وأقدم بناء إسلامي بقي محافظاً على شكله وزخرفته في الأغلب، بَنى هذه القبّة الخليفة عبدالملك بن مروان، حيثُ بدأ في بنائها عام 66 هـ الموافق 685، وانتهى منها عام 72 هـ الموافق 691.
مصلى النساء: يقع داخل المسجد الأقصى، ويرى باحثون أن بناءه يعود إلى العهد الصليبي، حيثُ بُني ككنيسة؛ ليعيده صلاح الدين الأيوبي لمُصلّى خُصّص للنساء.[33]
مسجد البراق: ويقع في الناحية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى، وسُمّي بذلك نسبةً إلى المكان الذي ربط فيه النبي محمد دابته البراق في رحلة الإسراء والمعراج، وفيه حلقة عثمانية يُقال إنّها وُضعت في مكان الحلقة التي رُبط عندها البراق.
مسجد المغاربة: ويقع في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصى جنوبي حائط البراق.
سبب تسمية المسجد الاقصى :
سمي المسجد الأقصى بهذا الأسم تبعاً لقول الله تعالى”سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجدِ الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله”سورة الإسراء، وأيضاً لبعده الشديد عن أهل مكة فقد كان أبعد المساجد عنهم.
وقبل نزول القرآن الكريم أطلق عليه بيت المقدس فقد كان منذ نشأته وهو له قدسية لدى كل من سكن جواره أو ذهب له من أجل العبادة،وقد كان أغلب ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم للمسجد الأقصى في أحاديثه بأسم بيت المقدس، وقد اختلف العلماء في تحديد متى بنى المسجد الأقصى.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم ذكر بأن الفرق بين بناء الكعبة وبناء المسجد الأقصى أربعون عاماً، ويأتي اختلاف ميعاد بناءه من الإختلاف حول متى بنيت الكعبة المشرفة هل بناها آدم عليه السلام أم بنتها الملائكة.
وقد أنقسم العلماء والمؤخرون إلى قسمين فمنهم من رجح أن آدم عليه السلام هو من بني المسجد، ومنهم من أكد أنه سيدنا إبراهيم عليه السلام ، ولكن ما أتفق عليه بأن حدود المسجد موجودة منذ قديم الأزل.
وهناك قضية هامة بشأن المسجد الأقصى وهي حدوده فلدينا إعتقاد خاطئ بأن المسجد الأقصى هو فقط المصلى القبلي الذي يقع جنوب مسجد قبة الصخرة، ولكن حدود المسجد تشمل كل ما داخل السور من مسجد قبة الصخرة والمصلى القبلي والمصلى المرواني والمآذن والحدائق حيث تبلغ مساحة المسجد 144,000 متر.
سبب تسمية المسجد الاقصى باسم ( اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ) :
يتردد على أذهاننا دوماً كلمة قبلة ولكن ماذا تعني الكلمة؟ القبلة هي المقصد أو الهدف وفي الإسلام هي المكان الذي يتوجه فيه المسلمين عند صلاتهم .
وقد كان المسجد هو القبلة الأولى للمسلمين في عام واحد من الهجرة حيث ظلوا يتوجهون في صلاتهم للمسجد الأقصى لمدة عامٍ وأربعة أشهر.
ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم حباً في مكة تمنى أن تكون قبلته وقبلة المسلمين حتى آخر الزمان ولما كان الله عالم الغيب والشهادة فقد بشره في سورة البقرة “قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فولي وجهك شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره”.
وبهذا تحولت قبلة المسلمين من المسجد الاقصى الى المسجد الحرام ، وقد جعل الله عز وجل ذلك الموقف إختباراً لإيمان المسلمين ليعلم من منهم صادقاً حقاً ومن هو على حرف.
سبب تسميته بثالث الحرمين الشريفين :
نستمع كثيراً كلمة الحرم وخاصة الحرم المكي والنبوي فماذا تعني كلمة الحرم؟ الحرم هو ما لايحل انتهاكه وهو ما يدافع عنه الرجال ، أي هو مكان له قدسيه لا يحل فيه القتال وسفك الدماء وجعل من أجل العبادة فقط.

وسمي المسجد الأقصى ثالث الحرمين الشريفين لأن المسجد الاقصى له قدسيه عظيمة تأتي في مكانتها بعد الحرمين الشريفين وهما الحرم المكي أي بيت الله الحرام والحرم النبوي أي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الفرق بين المسجد الاقصى ومسجد قبة الصخرة :
بعض الاخوة  المسلمين يخلطون بين المسجد الاقصى  ومسجد قبة الصخرة  ولا بد من التذكير بانهما مسجدين منفصلين  
فالمسجد الاقصى هو أقدم المساجد على وجه الأرض، حيثُ روي عن النبي أنه بُني بعد الكعبة بأربعين سنة. وقد ورد ذكره في القرآن الكريم؛ لتعظيمه، حيثُ شهد رحلتي الإسراء والمعراج، وذلك بقوله تعالى: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ البصير". وهو أحد المساجد الثلاثة، التي تُشد الرحال إليها، كما قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: «لا تشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا (المسجد النبوي)، والمسجد الأقصى».
اما مسجد قبة الصخرة  ( الظاهر في الصورة اعلاه ) فهو المسجد الذي بناه الخليفة عبد الملك بن مروان رحمه الله تعالى 
 وفيما يلى معلومات تفصيلية عن مسجد قبة الصخرة 

[ معلومات عن مسجد او مصلى قبة الصخرة ]

مصلى قبة الصخرة أحد أجزاء المسجد الأقصى «فالمسجد الأقصى هو كل ما داخل سور الأقصى»، وهو جزء من أحد أهم المساجد الإسلامية في مدينة القدس وفلسطين والعالم الإسلامي، ومن أجمل الأبنية في العالم، إذ تُعتبر قبّته من أهم وأبرز المعالم المعمارية الإسلامية، كما ويُعتبر أقدم بناء إسلامي بقي مُحافظا على شكله وزخرفته، بنى هذا المسجد والقبّة الخليفة عبد الملك بن مروان، حيث بدأ في بنائها عام 66 هـ الموافق 685م، وانتهى منها عام 72 هـ الموافق 691م، وأشرف على بنائها المهندسان رجاء بن حيوة الكندي، وهو من التابعين المعروفين، ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان، وقبّة الصخرة عبارة عن بناء مثمن الأضلاع له أربعة أبواب، وفي داخله تثمينة أخرى تقوم على دعامات وأعمدة أسطوانية، في داخلها دائرة تتوسطها «الصخرة المُشرفة» التي عرج منها النبي محمد إلى السماء في رحلة الإسراء والمعراج،[3]

وترتفع هذه الصخرة نحو 1,5 متراً عن أرضية البناء، وهي غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 و 18 متراً، وتعلو الصخرة في الوسط قبّة دائرية بقطر حوالي 20 متراً، مطلية من الخارج بألواح الذهب، ارتفاعها 35م، يعلوها هلال بارتفاع 5م.[4]

ويذكر بعض العلماء أن الكنائس التي بناها فرسان الهيكل فيما بعد تأثرت بأسلوب العمارة الإسلامية وبنمط قبة الصخرة، ويظهر ذلك جليًا في قلعة كاستل دل مونتي الإيطالية.[5]

فيما تعتبر قبة الصخرة المشرفة إحدى أهم المعالم الإسلامية في العالم، ذلك أنها إضافة إلى مكانتها وقدسيتها الدينية، تمثل أقدم نموذج في العمارة الإسلامية من جهة، ولما تحمله من روعة فنية وجمالية تطوي بين زخارفها بصمات الحضارة الإسلامية على مر فتراتها المتتابعة من جهة أخرى، حيث جلبت انتباه واهتمام الباحثين والزائرين وجميع الناس من كل بقاع الدنيا، لما امتازت به من تناسق وانسجام بين عناصرها المعمارية والزخرفية، حتى اعتبرت آية في الهندسة المعمارية.

وقد اهتم المسلمون برعاية وعناية قبة الصخرة المشرفة، على مر الفترات الإسلامية المتعاقبة، وبخاصة بعد ما كان يحدث بها من خراب جراء التأثيرات الطبيعية، مثل الهزات الأرضية والعواصف والأمطار والحرائق، فلم يتأخر أي خليفة أو سلطان في ترميمها والحفاظ عليها. 

تاريخ مسجد قبة الصخرى  :

بنى المصلى الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان عام 72 هـ لاستقطاب المسلمين إلى هذه البقعة المقدسة، وذلك نتيجة لانتقال العاصمة من المدينة المنورة إلى دمشق وإقامة الأمويين في بلاد الشام[محل شك]، ويقع وسط هضبة صخرية واسعة تسمى الحرم الشريف ويقع على امتداد محوره الجامع القبلي.

إن بناء قبة الصخرة هو من أهم معالم المسجد الأقصى المبارك، وقد شرع في إنشائه عبد الملك بن مروان، الخليفة الأموي الخامس، سنة 68 هـ \688 م، حول الصخرة المشرفة الواقعة على صحن مرتفع في وسط ساحة الحرم الشريف، وانتهى البناء سنة 72 هـ \691 م. وقد أقام عبد الملك فوقها بناء مستديرًا مكونًا من قبة خشبية مرتكزة على رقبة مستديرة الشكل، محاطة بست عشرة نافذة. وهذه الرقبة مستندة على رواق مستدير، محمولة على أربعة أركان من الرخام الأبيض المشجر، واثني عشر عمودًا موزعة، بحيث يعقب كل ركن ثلاثة عمد. ويتكون باقي البناء الذي في ظاهر الرواق الداخلي المستدير من مطافين يحوطان به. وهما منفصلان أحدهما عن الآخر برواق وسطي مثمن الشكل. محمول على ثمانية أركان. مؤزرة بالرخام المشجر والملون البديع، وستة عشر عمودًا موزعة، بحيث يعقب كل ركن عمودان. ويربط الأركان والعمد التي بينها بساطل، أي روابط خشبية ملبسة بالنحاس الأصفر المنقوش المذهب. ويعلو البساطل قناطر كلها مزينة بالفص المذهب البديع المزين بأنواع التشجير والتنميق. وقد نص على هذه القناطر سقف مائل من الخشب، دهن باطنه بأشكال هندسية ظريفة، وصفح من الظاهر بأنواع الرصاص. ويشغل باقي المساحة مطاق خارجي يقع بين الرواق الوسطي وجدران البناء الخارجية التي تكون شكلًا مثمنًا، وفي كل ضلع من هذا المثمن المقابل للجهات الأربع باب. وعلى بعد بضعة أمتار خارج الباب الشرقي تقوم فيه السلسلة. وهي بناء جميل كثير الشبه بقبة الصخرة مما جعل بعض الدارسين يعتقد أنه بني نموذجًا لها.

وجدير بالذكر، أن جميع الدراسات والاختبارات الأثرية الكثيرة التي أجراها علماء مختصون على البناء خلال عمليات الصيانة والترميم على مدى الأزمان، أثبتت بما لا يدع مجالًا لأي شك، أن قبة الصخرة، بكامل أساساتها وجدرانها الخارجية، هي من إنشاء عبد الملك بن مروان، وأنها بناء متجانس الأجزاء، لا يضم بقايا أي بناء قديم كما توهم بعضهم.

تسمية مسجد قبة الصخرة :

سُميَّ المسجد مسجد قبة الصخرة بهذا الاسم نسبةً إلى الصخرة المُشرفة التي عرج منها النبي محمد في رحلة الإسراء والمعراج.

إن قبة الصخرة أثر هام في تاريخ العمارة الإسلامية مرتبط بكل مسلم وبعقيدته في الإسراء والمعراج، وهي في العمارة الإسلامية أقدم أثر باق يشهد على نشأة فن العمارة الإسلامية وعلى جمال زخرفة هذا الفن الجديد، وقبة الصخرة أثر يشهد لبانيه خليفة المسلمين الأموي عبد الملك بن مروان بجهده ويوضع لبنة أولى في صرح العمارة الإسلامية. 

وصف مسجد قبة الصخرة :

هو بناء من الحجر على تخطيط مثمن طول ضلعه نحو 12,5 متراً وداخل المثمن الخارجي مثمن آخر داخلي وفي كل ضلع من أضلاعه ثلاثة عقود محمولة على عمود وثمانية أكتاف وداخل المثمن الثاني دائرة من 12 عمود وأربعة أكتاف وفوق الدائرة قبة قطرها 20,44 متراً وارتفاع القبة الحالي يبلغ 35,30 متراً عن مستوى التربة، مرفوعة على رقبة أسطوانة فتحت بها 161 نافذة، وهي من الخشب تغطيها من الداخل طبقة من الجبص ومن الخارج طبقة من الرصاص، وللمسجد أربعة أبواب متعامدة.

أما القبب الخارجية والداخلية فهي منظمة على هيكل مركزي، هيكل القبة الخارجية مشبوك على إطار الأسطوانة الخارجية، هذا الإطار مصنوع من جسور خشبية موصولة مع بعضها لتشكل سلسلة دائرية مستمرة فوق هذه الجسور يوجد شبكة خشبية يوضع عليها طبقة الغطاء الخارجية.

وتقع الصخرة المقدسة في مركز هذا المصلى ويعتقد العامة أن هذه الصخرة معلقة بين السماء والأرض وهذا اعتقاد خاطئويوجد أسفل الصخرة كهف به محراب قديم يطلق عليه مصلى الأنبياء، ويحيط بالصخرة حاجز من الخشب المعشق من تجديدات السلطان الناصر محمد بن قلاوون عام 725 هـ، وتحيط بمنطقة الصخرة أربع دعامات من الحجر المغلف ببلاطات الرخام بينها 12 عموداً من الرخام تحمل 16 عقداً تشكل في أعلاها رقبة أسطوانية، تقوم عليها القبة. 

الصخرة المشرفة :

هي عبارة عن قطعة ضخمة من الصخر تقع تحت القبة في وسط المصلى، طولها من الشمال إلى الجنوب حوالي 18 متراً، وعرضها من الشرق إلى الغرب حوالي أربعة عشر متراً، وأعلى نقطة فيها مرتفعة عن الأرضية نحو متر ونصف، وحولها حاجز من الخشب المنقوش والمدهون، وحول هذا الحاجز مصلى للنساء وله أربعة أبواب، يفصل بينه وبين مصلى الرجال حاجز من الحديد المشبك.

المغارة :

المغارة تقع تحت الصخرة ويطلق عليها اسم  ( مغارة الأرواح ) ، وينزل إليها من الناحية الجنوبية بأحد عشر درجة، وشكلها قريب من المربع وطول كل ضلع حوالي أربعة أمتار ونصف، ولها سقف ارتفاعه ثلاثة أمتار، وفي السقف ثغرة اتساعها متر واحد وعند الباب قنطرة مقصورة بالرخام على عمودين.[6]

الزخرفة :

الزخرفة الداخلية.

الزخارف الداخلية لقبة المسجد الأقصى

غطت معظم أروقة وجدران المصلى من الداخل بالفسيفساء وهي تظهر الفن الإسلامي في الزخرفة كي تشكل وحدة فنية منسجمة في التكوين ومتحدة في الأسلوب، حيث أنّ حجارة الفسيفساء كانت مصنوعة محلياً. أجمل ما في الزخرفة الآيات القرآنية في أعلى أقواس المضلع المثمن الأوسط تعتبر أقدم ما كتب من الخط العربي الجميل، أطلق عليه اسم الخط الجليلومجموعة الألواح البرونزية المذهبة التي تغطي بعضها أجزاء من الأبواب الأربعة أو الأفاريز الواصلة بين تيجان أعمدة أرواق هي أجزاء فريدة في العالم لأصالتها ولجمالها وغناها الزخرفي، وتسيطر عليها أوراق العنب والعناقيد المعالجة بمهارة متجددة.

وقد جاء الاستغناء عن الصور الممثلة للإنسان والحيوان وفقًا لأحكام الديانة الإسلاميةواستعيض عنها بالأشكال الطبيعية والرسوم المركبة والتقليدية، مما أعطى المكان رونقًا يمتاز من غيره بما يبحث في النفس من الشعور بالهدوء والطمأنينة والتأمل العميق. والزخرفة بمجموعها مكونة من أشكال متباينة مرنة التكييف، ولا شك أن الفنان الصانع لها كان أمينًا في صنعه على المبادئ الأساسية لأساليب الزخرفة التي كثيرًا ما أهملت، وهي أن تأتي الزينة والزخرفة متنافسين مع المكان الذي تجملانه. وهندسة البناء الداخلية هي التي تطلبت أن تكون الزخرفة على ما جاءت عليه.

وصفوة القول إن قبة الصخرة في هندستها وشكلها وزخرفتها كانت ولا تزال من أجمل وأروع المباني التي أتحف بها العالم. وقلما يوجد في مباني العالم ما يفوقها، أو يضارعها بهاء وروعة وجمالًا. فزيادة على زخرفة سقوفها المذهبة وجدرانها الرخامية ونوافذها الزجاجية تفتن العين بالفسيفساء. وجمال تأليفها، وألوانها التي جاءت كلها على أحسن تناسق وانسجام، وبالأشكال المختلفة التي استعملت، والأساليب، والألوان، ودقة الصنع التي بلغت الحد الأعلى من الكمال. كل هذا جعل من قبة الصخرة أثرًا فريدًا في تاريخ الفن.

قبة الصخرة المشرفة بين التقديس والخزعبلات :

الصخرة المشرفة هي صخرة طبيعية غير منتظمة الشكل تقع في أعلى نقطة من المسجد الأقصى المبارك في موقع قلب المسجد بالضبط، وهي صخرة طبيعية تتراوح أبعادها بين حوالي 13 مترًا و18 مترًا، ويبلغ ارتفاعها حوالي المترين تقريبًا، وقد دارت حولها القصص الخيالية غير الصحيحة بشكل كبير، فمن قال إنها طائرة في الهواء، ومن قال إنها طارت خلف النبي ، ومن قال إن لها نورًا، وغير ذلك..

والحقيقة أنها صخرة عادية ليس فيها أي ميزة إلا أنها كانت قبلة أنبياء بني إسرائيل قبل النبي عليه الصلاة والسلام، وقيل إن النبيعرج من فوقها للسماء ليلة الإسراء والمعراج، وفيها مغارة صغيرة تسمى (مغارة الأرواحوهي تجويف طبيعي أيضًا وليس فيه أي ميزة خارقة للعادة. وقد بنيت الصخرة المشرفة فوق الصخرة، وهي ظاهرة للعيان إلى اليوم.

وحاكت القصص الشعبية خيالات وخزعبلات كثيرة حول الصخرة المشرفة، ذكرها الكثير من العلماء، وجمعها الأستاذ عيسى القدومي في كتابه (المسجد الأقصى: الحقيقة والتاريخ)، فمن هذه الخزعبلات والأكاذيب التي جمعها الأستاذ القدومي أن الصخرة من صخور الجنة، وأنها سيدة الصخور، وهي معلقة من كل الجهات كما أن مياه الأرض كلها تخرج من تحت هذه الصخرة، وتتحول إلى مرجانة بيضاء.

أيضًا نشرت الأكاذيب عنها أن عليها موضع قدم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وعليها أثر أصابع الملائكة، وأن الماء الذي يخرج من أصل الصخرة، وهي نهر من أنهار الجنة، وأن المياه العذبة والرياح واللواقح من تحت صخرة ببيت المقدس.

قيل أيضًا أنها عرش الله الأدنى، ومن تحتها بسطت الأرض، وأنها وسط الدنيا وأوسط الأرض كلها، وأخيرًا أن لها مكانة الحجر الأسود في الكعبة.

وأكد الدكتور عبد الله معروف في دراسته لمعالم المسجد الأقصى أن العلماء أنكروا هذا التعلق بالصخرة، وبينوا أنها صخرة طبيعية وجزء من المسجد الأقصى، وليس لها أية ميزة خاصة.

ويؤكد الدكتور على أن تنبيه الناس على أمر صخرة بيت المقدس لا يقلل من فضائل المسجد الأقصى وبيت المقدس بالبركة والفضيلة، وثبت عن رسول الله  في كتب الصحاح والسنن الكثير من الأحاديث التي نصت على ما حباه الله تعالى من الخير والبركة، وبينت الخصائص التي تميز بها المسجد الأقصى وأرضه لما لها من مكانة عظيمة ومنزلة رفيعة في الشرع الإسلامي. فبركة المسجد الأقصى ثابتة بالكتاب والسنة، ولنا غنى في الصحيح منها عن الموضوع والمكذوب.

وخلاصة الأمر هو أن كل ما قيل في هذه الصخرة أصله من الإسرائيليات، وليس له أصل في المصادر الإسلامية الأساسية سواء القرآن الكريم أو الصحيح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم. وما التركيز على هذا الأمر إلا بسبب انتشار كبير لبعض هذه الخزعبلات بين المسلمين في هذه الأيام، وخاصة مسألة تعليق الصخرة في الهواء!

عظمة معجزة الاسراء والمعراج ومدلولاتها :

ان ليلة الاسراء والمعراج لم تكن  ليلة عادية  او حدث عادي  بل كانت ليلة وظاهرة عظيمة  ومعجزة خارقة  لم يحدث مثلها  في تاريخ البشرية  وهذه الليلة تمثل   واحدة من  اكبر معجزات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  ففي هذه الليلة  حدثت امور خارقة  للطبيعة  والقوانين العلمية  المعروفة على وجه  الارض  وحدثت في هذه الليلة  امور عظيمة مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  وهذه الامور لم تحدث  مع اي واحد من البشر ولا حتى  مع اي واحد من الانبياء الكرام  من قبل .وان الله تبارك وتعالى قد ايد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم  بعدد كبير جدا من المعجزات  بلغ عددها الف معجزة  او اكثر  كما تشير المراجع  واكبر هذه  المعجزات  هو  القران الكريم  ثم تليها مباشرة  معجزة ليلة الاسراء والمعراج  المباركة ثم معجزة انشقاق القمر للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم 

اسباب عظمة معجزة الاسراء والمعراج :

عظمة معجزة  الاسراء والمعراج  يعود سببها الى  امرين  

  اولهما : هو عظمة الاحداث  والامور التي حصلت في هذه الليلة العظيمة والمباركة

 وثانيهما : هو عظمة  مدلولات ومؤشرات  هذه الاحداث

فما هي ليلة الاسراء والمعراج  ؟

وما هي  الاحداث العظيمة التي حدثت في هذه الليلة المباركة العظيمة ؟ 

اولا : ما هي  ليلة الاسراء والمعراج  ؟

وللاجابة على هذا السؤال  سنذكر فيما يلى  المعلومات الثابتة شرعا عن معجزة ليلة الاسراء والمعراج المباركة  والحكمة من  حدوث هذه المعجزة العظيمة

وقعت ليلةُ الإسراءِ والمِعراج بحسبِ المشهور من الرّوايات في السّابعِ والعشرينَ من شهرِ رجب في السنة الثانيةَ عشرة من البعثةِ النّبوية،[١] وهيَ ليلةٌ مميزةٌ في التّقويمِ الإسلاميّ، أُسرِيَ فيها برسول الله -صلى الله عليه وسلم- من المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأقصى على ظَهرِ دابَّةٍ أرسلها الله -سبحانه وتعالى- إليه، وتُسمّى البُراق، وبرفقةِ جبريل -عليه السلام- وصلا معاً إلى المسجد الأقصى وذلك في جزءٍ من الليل، حتّى أُعرِجَ بهما بعدها إلى السّماوات العُلا من هناك انتهاءً إلى بلوغِهم سدرة المنتهى، ورجوعهم إلى البيت الحرامِ من جديد في نفسِ تلك الليلة.[٢][٣]

تزامن وقوعُ هذه المُعجزة مع أحداثٍ مؤلمةٍ عانى منها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، إذ كانت قُريش قد فرضت عليهم حِصاراً، و تُوُفّيَ عمُّه أبو طالب الذي كانَ يعصمه ويُدافِع عنه أمامَ قريشٍ، وكانت قد تُوفّيت زوجته العزيزة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها-، كما كان قبل ذلك خروجه إلى الطائف وضربُهُم إياهُ بالحجارة، فأتت هذه الرحلة الروحانية الكريمة مواساةً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وتثبيتاً له، واختباراً لإيمانِ الصّحابة الكِرام.[١]

ثبتَ أمرُ هذه اللّيلةِ في النّصوص الشّرعية، إذ سُمَّيت بها سورةٌ في القرآنِ الكريمِ وهي سورةُ الإسراءِ، وجاءَ في مطلَعِها قوله -تعالى-: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ)،[٤] كما جاءَ في صحيحِ مُسلم أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال في هذا الشّأنِ: (أُتِيتُ بالبُراقِ، وهو دابَّةٌ أبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الحِمارِ، ودُونَ البَغْلِ، يَضَعُ حافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ، قالَ: فَرَكِبْتُهُ حتَّى أتَيْتُ بَيْتَ المَقْدِسِ، قالَ: فَرَبَطْتُهُ بالحَلْقَةِ الَّتي يَرْبِطُ به الأنْبِياءُ، قالَ ثُمَّ دَخَلْتُ المَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فيه رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ خَرَجْتُ فَجاءَنِي جِبْرِيلُ عليه السَّلامُ بإناءٍ مِن خَمْرٍ، وإناءٍ مِن لَبَنٍ، فاخْتَرْتُ اللَّبَنَ، فقالَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اخْتَرْتَ الفِطْرَةَ، ثُمَّ عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ).[٥][٦]


الحكمة من الإسراء والمعراج

 تظهرُ الحكمة من وقوعِ حادثةِ الإسراء والمعراج في أمورٍ عدّة، نذكر منها ما يأتي:

الحكمةُ الأولى:

لبيانِ فضل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومكانته عند الله -عزَّ وجلَّ-؛ إذ وصَلَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في رحلته إلى مكانٍ ومنزلةٍ لم يَصلها غيره قَط مِن رُسلٍ أو ملائكة، حتّى أنّه كانَ يَسمعُ صوتَ صَريف الأقلام، كما أنّه صلّى إماماً بالأنبياءِ جميعهم في المسجدِ الأقصى، وفي اصطفائه للإمامة تشريفٌ له عليهم، لتكونَ هذه الرّحلة من معجزاته وفضائلهِ التي لم يَسبق لأحدٍ قط من الأنبياء وُلُوجها،[٧] كما أنّ في إمامته عليهم؛ إشارةً إلى توحيدِ رسالاتهم جميعاً، وأنّ شريعته -صلى الله عليه وسلم- ناسِخةٌ لشرائعهم، فهم يقتدونَ به، وعلى أتباعهم فعل ذلك.[٨]

الحكمة الثانية:

لمواساةِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ذكرنا فيما تَقدَّم ما عانى منه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في تلك الفترة، فجاءت حادثة الإسراء والمِعراج تخفيفاً له ولمن حوله، ورفعاً لمعنويّاتِهم، وتأييدهم بجملةٍ من الرُؤى المستقبليّة.[٩]

الحكمة الثالثة:

تعليماً لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أشياءً عن الغيبِ حتّى يُبلِّغها بيقينٍ؛ فالبَشَرُ بطبيعتهم يَميلونُ إلى السؤالِ عمّا هو مجهولٌ، والغيبُ عالمٌ لا يُدركهُ الإنسانُ بعقله ولا سبيلَ له إلى تصوُّرهِ سوى بالنّقلِ، إذ رأى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- الجنّة والنّار، وصَعد إلى السماوات وشاهدها بتفاصيلها، ثمّ وبفضلِ هذه الحادثة أصبحت أمّة محمّد -صلى الله عليه وسلم- تحمِلُ كنزاً من الغيبِ يدفعها نحوَ الأمامِ ولا يزيدها إلا تثبيتاً وثباتاً على الحقِّ.[١٠]

الحكمة الرابعة:

ليَرى رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- شيئاً من آياتِ الله العظيمةَ الدّالّة على وحدانيته وقُدرته وصِدقِ وَحيه؛ إذ يُرِي الله -عزَّ وجلَّ- رسولهُ الكريمَ الجنّة وشيئاً من نعيمها وهي وَعْدهُ الحقُّ للمؤمنين، كما أراه النّارَ وشيئاً من وعيدِها، وهي وَعْدهُ الحقُّ للظالمينَ والمشركين.[١١]

الحكمة الخامسة :

تجهيزُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لملاقاةِ ربّه بشقّ الصّدر؛ إذ يروي الإمامُ مسلم في صحيحه أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (فُرِجَ سَقْفُ بَيْتي وأنا بمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَفَرَجَ صَدْرِي، ثُمَّ غَسَلَهُ مِن ماءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جاءَ بطَسْتٍ مِن ذَهَبٍ مُمْتَلِئٍ حِكْمَةً وإيمانًا فأفْرَغَها في صَدْرِي، ثُمَّ أطْبَقَهُ، ثُمَّ أخَذَ بيَدِي فَعَرَجَ بي إلى السَّماءِ)،[١٢] والمغزى أنّه غسل قلبه فلم يبقَ فيه شيءٌ إلّا الإيمان.[٨]

 الحكمة السادسة :

تشريفُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصعوده على البُراق؛ فالبُراقٌ كما تقدم، مخلوقٌ من مخلوقاتِ الجنّة، وهو كحصانِ الطائِر دونَ تشبيهٍ، ولا شكَّ أنّ في إرساله خصيصاً ليحملَ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الأعلى فيه تشريفٌ وتعظيمٌ لشأنِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-.[٨]

الحكمة السابعة : دلالةُ اختياره للمسجد الأقصى ليكونَ مسرى رسوله الكريم؛ فالمسجدُ الأقصى هو أولى القبلتين، وله قداسةٌ ومكانةٌ في نفوسِ المسلمين، ولعلّ اختياره ليكونَ مسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تأكيداً لهذه القداسة وتمكيناً لها، وهي دعوةٌ إلى شدّ الرّحالِ إليهِ، والدّفاعُ عنه، وتحريره.[٨]

الحكمة الثامنة : في الإسراءِ والمعراجِ إعلانٌ لعموميةِ الرّسالة التي جاءَ بها الإسلام وشمولها وصلاحها لكلِّ زمانٍ ومكان؛ إذ يتضمّن ما جرى من جعْل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إماماً لهذه البشرية بإمامته للرُّسل جميعهم في الصّلاة، لتكونَ بذلكَ رسالته عالميةً ناسخةً لجميع الرسالات مِنَ الشّرق إلى الغرب، فهو خاتِمهم وأفضلهم، ووَصَل إلى منزلةٍ عاليةٍ لم يصلها أحدٌ سواه، لا مَلَكٌ مُقرب ولا نبيٌ مرسل، فهو خير البَرِيّة وأفضلُ الخلق -صلواتُ الله وسلامه عليه-.[١٣]

 

ما هي  الاحداث العظيمة التي حدثت في هذه الليلة المباركة العظيمة ؟

الاحداث العظيمة  التي حصلت في هذه الليلة المباركة  هي الآيات الكبرى التي رآها رسول الله  في ليلة الاسراء والمعراج  واثناء رحلته الى السماوات العلا ،[١٤] ودليلُ ذلكَ ما جاءَ في القُرآنِ الكريم في قوله -تعالى-: (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى)،[١٥]

 ونذكرُ من هذه الآيات ما يأتي:

اولا : رحلة الاسراءوالمعراج بكاملها (ذهابا وايابا) تمت في ليلة واحدة فقط وهي ليلة الاسراء والمعراج المباركة. 

من الثابت شرعا ان عملية الاسراء بالرسول الكريم من المسجد الحرام الى المسجد الاقصى ثم العروج به من المسجد الاقصى الى السموات العلا ثم الهبوط به الى المسجد الاقصى ثم عودته الى المسجد الحرام في مكة ،جميعها تمت في ذات الليلة المباركة. 

عظمة هذا الحدث  وعظمة مدلولاته : 

اول مظاهر العظمة والاعجاز في معجزة الاسراء والمعراج ان الرسول الكريم قد اسري به من المسجد الحرام في مكة المكرمةالي المسجد الاقصى في فلسطين ثم رجع الى المسجد الحرام في ذات الليلة والمسافة بين المسجد الحرام والمسجد الاقصى تبلغ 1235 كيلومتر وكانت القوافل في عهد الرسول تحتاج  اكثر من شهر لاتمام هذه الرحلة ذهابا وايابا،  والاعظم اعجازا من ذلك هو ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد عرج به من المسجد الاقصى الى السموات العلا ثم هبط الى المسجد الاقصى ومنه رجع الى المسجد الحرام في نفس الليلة المباركة، ولا احد يعلم سوى الله تبارك وتعالى كم يلزم من الزمن لاتمام عملية العروج  في السماء في مقاييس البشر، وكل ما نعلمه بهذا الصدد هو ما ورد في القرأن الكريم في الاية الكريمة

بسم الله الرحمن الرحيم 

تعرج الملائكة والروح اليه في يوم كان مقداره خمسين الف سنة

( المعارج : 4 )

ولكن بقدرة الله تبارك وتعالى فان رحلة الاسراء والمعراج ذهابا وايابا تمت في ليلة واحدة اي خلال مدة تتراوح بين 6 الى 8 ساعات فقط ( ملاحظة :المدة الزمنية بالساعات تم التوصل لها بحسب التقدير المرتكز عل المنطق  وهذا مجرد تقدير وتخمين بحسب المنطق وقد يكون هذا التخمين غير صحيح والله اعلم ) 

 ثانيا : اجتمع الرسول الكريم مع جميع الانبياء والرسل الكرام  وصلى بهم   إماما  في المسجد الاقصى المبارك :

 من الثابت شرعا ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد اجتمع بجميع الانبياء في المسجد الاقصى وام بهم في الصلاة في المسجد الاقصى 
فقد ثبت في السنَّة الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلَّم أمَّ إخوانه الأنبياء في رحلته إلى بيت المقدس .

1) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :
( ... وَقَدْ رَأَيْتُنِي فِي جَمَاعَةٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ فَإِذَا مُوسَى قَائِمٌ يُصَلِّى فَإِذَا رَجُلٌ ضَرْبٌ جَعْدٌ كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ وَإِذَا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَائِمٌ يُصَلِّي أَقْرَبُ النَّاسِ بِهِ شَبَهًا عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ وَإِذَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَائِمٌ يُصَلِّى أَشْبَهُ النَّاسِ بِهِ صَاحِبُكُمْ – يَعْنِي : نَفْسَهُ - فَحَانَتِ الصَّلاَةُ فَأَمَمْتُهُمْ . رواه مسلم ( 172) .
2) عن ابن عباس قال : فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسْجِدَ الْأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي فَالْتَفَتَ ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ . رواه أحمد ( 4 / 167 ) وفي إسناده كلام ، لكن يشهد له ما قبله .
وقداختلف العلماء هل كانت تلك الصلاة قبل عروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء أم بعد أن هبط منها ، والراجح : الأول .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
قال عياض : يحتمل أن يكون صلَّى بالأنبياء جميعاً في بيت المقدس ، ثم صعد منهم إلى السماوات مَن ذُكر أنه صلى الله عليه وسلم رآه ، ويحتمل أن تكون صلاته بهم بعد 
 أن هبط من السماء فهبطوا أيضاً ... .
والأظهر : أن صلاته بهم ببيت المقدس كان قبل العروج .
" فتح الباري " ( 7 / 209) .

جميع المسلمين يعلمون  بان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  قد اجتمع بجميع الانبياء والرسل في المسجد الاقصى  وانه لما حان وقت الصلاة  صلى الرسول الكريم معهم  وكان الرسول الكريم هو الامام  في هذ الصلاة   وجميع المسلمين يعلمون هذه الحقيقة الثابتة شرعا كما جاء في احاديث كثيرة  ولكن البعض  يعتقد مخطئا بان عدد هؤلاء الانبياء والرسل الكرام هو 25  فقط  (وهو عدد  الانبياء الذين ذكروا في القران )  ، ولهذا فان الكثير من الناس سيشعر بالصدمة  عندما يعلم  بان  عدد الانبياء  والرسل  الذين أمهم رسولنا الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) في الصلاة  في المسجد الاقصى هو ( 124000 نبيا ورسولا  منهم 315 رسول )

عندما تعلم هذه الحقيقة الصادمة ستدرك حتما مدى عظمة هذا الحدث  

فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد  صلى اماما بهذا العدد الكبير من الانبياء والرسل الكرام عليهم السلام اجمعين  وهم جميع الانبياء والرسل الكرام  الذين بعثهم الله تبارك  وتعالى لهداية الناس منذ عهد ادم عليه السلام وحتى بعثة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، فاجتماع جميع هؤلاء الانبياء والرسل الكرام معا في وقت واحد هو بحد ذاته حدث عظيم  ورؤية الرسول الكريم لجميع هؤلاء الانبياء والرسل الكرام هو ايضا حدث عظيم

ان صلاة الرسول الكريم مع جميع الانبياء والرسل في المسجد الاقصى   هو بحد ذاته حدث عظيم  لان  هذه الصلاة هي اعظم صلاة  لله  تبارك وتعالى  تمت على وجه الارض وعظمة هذه الصلاة يعود الى حقيقية ان جميع المصلين  هم  من الانبياء والرسل الكرام  والامام في هذه الصلاة  هو الرسول الكريم الحبيب  واشرف الخلق وخاتم الانبياء والمرسلين  . وعظمة هذه الصلاة تعود الى عظمة عدد المصلين فيها حيث بلغ عددهم 124 الف مصلي والاهم من ذلك هو مكانة ومنزلة هؤلاء المصلين ، فهم ليسوا اناسا عاديين وانما هم جميعهم انبياء ورسل كرام اصطفاهم الله تبارك وتعالى من خيرة الناس والبشر فهم من افضل واحسن الناس في الايمان والاخلاق واصطفاهم الله عز وجل ليقوموا بهداية الناس الى طريق الهداية ولكي يكونوا قدوة للناس في الايمان والتقوى والاخلاق، ومن مظاهر عظمة هذا الحدث هو ان هؤلاء الانبياء والرسل الكرام قد ارسلهم الله تبارك وتعالى في عصور وازمنة مختلفة ومتتالية من تاريخ البشرية منذ عهد ادم عليه السلام وحتى عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم. 

ولهذه الصلاة  مدلولا عظيما  ومعنى كبير جدا  ،  فالرسول الكريم صلى الله عليه هو وسلم هو خاتم الانبياء والرسل  ، واجتماع الرسول الكريم مع جميع هؤلاء الانبياء والرسل الكرام هو بمثابة اشارة  الى ان البشرية جمعاء قد دخلت في المرحلة الختامية من الوجود  وان يوم القيامة بات قريبا جدا  ، فالله تبارك وتعالى قد ارسل جميع الرسل والانبياء  وارسل الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو خاتم الانبياء والمرسلين ولا نبي بعده  وهذا يعني بان وجود بني ادم و البشرية اصبح في المرحلة الختامية  وان يوم القيامة  اصبح قريبا جدا . وهذا يعتبر امرا عظيما ومن اعظم الامور .

وهذا ثابت في الاحاديث  الشريفة :

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة كَهَاتَيْن ) يعني : إصبعين ،

وجاء عن سهل بن سعدٍ الساعدي رضي الله عنه مرفوعا بلفظ ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعة هكذا - ويشير بأصبعيه فيمدُّ بهما - ) رواه البخاري ( 6138 ) ومسلم ( 2950 )

وأخرج الإمام مسلم في صحيحه ( 867 ) عن جابر بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب احمرَّت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول " صبَّحكم ومسَّاكم " ويقول ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة كَهَاتَيْنِ ) ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى .

وخرج الإمام أحمد ( 38 / 36 ) بإسناد حسن من حديث بريدة ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَة جَمِيعاً إِنْ كَادَتْ لَتَسْبِقُنِي ) . 

ثالثا : رُؤيةُ رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- لجبريل ؛

جبريل -عليه السلام- هو المَلكُ الذي كانَ يَنزِلُ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لِيُبَلِّغُه القرآنُ الكريم، وفي السُّنّة الشريفة أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى جبريل على هيئته الحقيقية في حادثةِ الإسراءِ والمِعراج، حيث أخرج التِرمذي في سُننه عن عبد الله بن مسعود ما يأتي: (رَأَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جبرائيلَ في حُلّةٍ من رفرفٍ قد ملأ ما بين السماءِ والأرضِ)،[١٦] وجاءَ في مسند الإمام أحمد: (رأى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ جبريلَ في صورتِه وله ستُّمائةِ جَناحٍ كلُّ جَناحٍ منها قد سدَّ الأفُقَ يسقُطُ مِنْ جَناحِه مِنَ التهاويلِ والدُّرِّ والياقوتِ ما اللهُ به عليمٌ).[١٧][١٨]

رابعا : بلوغُ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- لسدرةِ المُنتهى؛

وهي منزلةٌ تقعُ في السّماءِ السّابعة، وقد جاءَ ذِكرُها في القرآنِ الكريم في سورة النَّجم؛ قال -تعالى-: (إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى)،[١٩] وفي حديثِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عمّا جرى في حادثةِ الإسراء والمعراج قال: (ثُمَّ ذَهَبَ بي إلى السِّدْرَةِ المُنْتَهَى، وإذا ورَقُها كَآذانِ الفِيَلَةِ، وإذا ثَمَرُها كالْقِلالِ، قالَ: فَلَمَّا غَشِيَها مِن أمْرِ اللهِ ما غَشِيَ تَغَيَّرَتْ، فَما أحَدٌ مِن خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أنْ يَنْعَتَها مِن حُسْنِها).[٢٠][١٨]

خامسا : بلوغه -صلى الله عليه وسلم- البيت المعمور؛

والبيتُ المعمور هو مكانٌ يُصلِّي فيه سبعونَ ألفاً من الملائكة، جاءَ في حديثِ الإسراء والمعراج قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بإبْراهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلى البَيْتِ المَعْمُورِ، وإذا هو يَدْخُلُهُ كُلَّ يَومٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ لا يَعُودُونَ إلَيْهِ).[٢٠][١٨]

سادسا : رُؤيته لأنهارٍ أربعة؛

إذ جاءَ في حديثِ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ليلةِ الإسراء والمِعراج أنّه قال: (رُفِعْتُ إلى السِّدْرَةِ، فإذا أرْبَعَةُ أنْهارٍ: نَهَرانِ ظاهِرانِ ونَهَرانِ باطِنانِ، فأمَّا الظّاهِرانِ: النِّيلُ والفُراتُ، وأَمَّا الباطِنانِ: فَنَهَرانِ في الجَنَّةِ)،[٢٠] ولعلَّ من الأنهار الباطنة المقصودة في الحديثِ نهرُ الكوثر، إذ أخبرنا عنه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: (بيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ، إذا أنا بنَهَرٍ، حافَتاهُ قِبابُ الدُّرِّ المُجَوَّفِ، قُلتُ: ما هذا يا جِبْرِيلُ؟ قالَ: هذا الكَوْثَرُ، الذي أعْطاكَ رَبُّكَ)،[٢١] ولعلَّ النّهر الآخر هو عَينُ السلسبيل الواردُ ذكره في القرآنِ الكريم، قال -تعالى- في كلامه عن نعيمِ الجّنّة: (وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنجَبِيلًا* عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا).[٢٢][١٨]

سابعا  : كلّم الله -سبحانه وتعالى- رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فيها؛

إذ جرى حوارٌ بين الله -عزَّ وجلَّ- ورسوله الكريم، حيثُ فُرِضتِ الصّلاةُ حينها، وقد روى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لنا هذا الحوار، فقال: (فأوْحَى اللَّهُ إلَيَّ ما أوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاةً في كُلِّ يَومٍ ولَيْلَةٍ، فَنَزَلْتُ إلى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: ما فَرَضَ رَبُّكَ علَى أُمَّتِكَ؟ قُلتُ: خَمْسِينَ صَلاةً، قالَ: ارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فإنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فإنِّي قدْ بَلَوْتُ بَنِي إسْرائِيلَ وخَبَرْتُهُمْ، قالَ: فَرَجَعْتُ إلى رَبِّي، فَقُلتُ: يا رَبِّ، خَفِّفْ علَى أُمَّتِي، فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا، فَرَجَعْتُ إلى مُوسَى، فَقُلتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسًا، قالَ: إنَّ أُمَّتَكَ لا يُطِيقُونَ ذلكَ، فارْجِعْ إلى رَبِّكَ فاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، قالَ: فَلَمْ أزَلْ أرْجِعُ بيْنَ رَبِّي تَبارَكَ وتَعالَى، وبيْنَ مُوسَى عليه السَّلامُ حتَّى قالَ: يا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَواتٍ كُلَّ يَومٍ ولَيْلَةٍ).[٢٠][٢٣]

ثامنا : رُؤيةُ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- للجَّنَّة والنّار؛

رأى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجنّة وشيئاً مِن نَعيمها، كما رأى جَهنّم وشيئاً من عذابِها.[٢٤]

تاسعا : رُؤية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأنبياءِ الله المرسلين؛

فبالرجوعِ إلى حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن رحلته في الإسراء والمعراج؛ كان كلّما صَعِدَ سماءً التقى بأحدِ الأنبياء وصولاً إلى السّماءِ السابعة حيثُ سِدرة المُنتهى، فنجد أنَّه التقى بالمسيحِ عسيى ابنُ مريم وبزكريا -عليهمُ السّلام- أولاً، إذ قال: (فإذا أنا بابْنَيِ الخالَةِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، ويَحْيَى بنِ زَكَرِيّا، صَلَواتُ اللهِ عليهما، فَرَحَّبا ودَعَوا لي بخَيْرٍ).[٥][٢٥] ثمّ التقى بيوسف -عليه السلام-، فمن قوله: (فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بيُوسُفَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، إذا هو قدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الحُسْنِ، فَرَحَّبَ ودَعا لي بخَيْرٍ)،[٥] ثمّ إدريس -عليه السلام-، حيث قال: (فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بإدْرِيسَ، فَرَحَّبَ ودَعا لي بخَيْرٍ)،[٥] ثمّ هارون -عليه السلام-: (فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بهارُونَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَرَحَّبَ، ودَعا لي بخَيْرٍ)،[٥] ثمّ موسى -عليه السّلام-، قال: (فَفُتِحَ لَنا، فإذا أنا بمُوسَى صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فَرَحَّبَ ودَعا لي بخَيْرٍ)،[٥] ثمّ سيدنا إبراهيم -عليه السلام- نهايةً، إذ قال: (فَفُتِحَ لنا فإذا أنا بإبْراهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ مُسْنِدًا ظَهْرَهُ إلى البَيْتِ المَعْمُورِ).[٥][٢٥]

وجميع هذه الاحداث العظيمة حدثت مع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم  ولم تحدث مع اي واحد من البشرولم تحدث حتى مع احد  الانبياء والرسل الكرام  وان دل ذلك على شيء فانما يدل على فضل الرسول الكريم ومدى عظم مكانته ومنزلته بين الرسل والانبياء الكرام .

تبارك وتعالى الله العلى العظيم  و الصلاة والسلام  على سيدنا محمد سيد الخلق واشرفهم  وخاتم الانبياء والمرسلين وعلى اله وصحبه اجمعين 

( المسجد الاقصى اولى القبلتين وثالث الحرمين )
المسجد الاقصى هو ثالث المقدسات الاسلامية بعد المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
والقدس هي ثالث المدن الاسلامية المقدسة بعد مدينة مكة المكرمه وبعد المدينة المنورة
وسورة الاسراء الكريمة تظهر بوضوح لجميع المسلمين بان :

 من يفرط بالمسجد الاقصى والقدس هو خائن وملعون يفرط بثالث المقدسات الاسلامية ويفرط  بدين الاسلام وجميع الامة الاسلامية )
والتنازل عن القدس والتفريط بها هو تفريط بالمسجد الاقصى وتفريط باكبر امانة في عنق كل مسلم وخيانة لله ورسوله وخيانة للاسلام والامة الاسلامية جمعاء
يقول الله سبحانه وتعالي في كتابة الكريم
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ )
(الانفال 27)
والمسجد الاقصى هو امانة في عنق كل مسلم نطق لسانه بالشهادتين وهل هناك امانة في عنق المسلمين اكبر من امانة المسجد الاقصى ( اولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى ومعراج الرسول الكريم ) ؟

قال ابن القيم‏:
( أُسْرِىَ برسول الله صلى الله عليه وسلم بجسده على الصحيح من المسجد الحرام إلى بيت المقدس، راكبًا على البُرَاق، صحبه جبريل عليهما الصلاة والسلام، فنزل هناك، وصلى بالأنبياء إمامًا، وربط البراق بحلقة باب المسجد‏، ثم عرج به تلك الليلة من بيت المقدس إلى السماء الدنيا ).
إن رحلة ومعجزة الإسراء والمعراج لم تكن مجرد حادث عادي، بل اشتملت على معانٍ ودروس كثيرة، وأظهرت بشكل واضح فضْل النبي صلى الله عليه وسلم على جميع الأنبياء والرسل.


قال سبحانه وتعالى في كتابة الكريم
( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ )
صدق الله العظيم
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ومسجد الأقصى )
رواه البخاري ومسلم وغيرهما
عن أبي الدرداء : قال عليه الصلاة والسلام:
« فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة وفي مسجدي ألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة »
أخرجه البزار- البحر-(4142) قال هذا إسناد حسن.

( حكم الشرع في التنازل عن القدس الشريفة - فتوى لفضيلة الشيخ الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي )

اسم المفتي: الدكتور الشيخ يوسف عبد الله القرضاوي
السؤال: نريد من سمحاتكم بيان حكم الشرع في التنازل عن (القدس الشريفة) وماذا على المسلمين حكاما ومحكومين تجاه ما يتعرض له أرض الإسراء من تنكيل وقتل وتشريد؟
الإجابة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أخي الكريم: إن ما يتعرض له الأقصى الحبيب جريمة سنحاسب عليها جميعا بين يدي الله عز وجل لو تقاعسنا أو تخاذلنا وليس لنا عذر أمام الله -عز وجل- لو لم ننهض لمسح الخزي والعار الذي لحق بأمتنا وليست القدس ملكا لأهل فلسطين إنما هي ميراث المسلمين ليس لحاكم أو محكوم أن يفرط في شبر من أرض الإسراء "ومن يفعل ذلك يلق أثاما" لذا واجب علينا جميعا أن ننهض لإعادة الحق المغصوب والمجد المسلوب "ومن نكث فإنما ينكث على نفسه"
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور يوسف القرضـاوي
لا يجوز لمسلم – مسؤولاً كان أو غير مسؤول - أن يتنازل عن أي جزء من أرض الإسلام، فأرض الإسلام ليست ملكًا لرئيس ولا لأمير ولا لوزير ولا لجماعة من الناس، حتى تتنازل عنها تحت أي ضغط أو ظرف.
وإنما الواجب على الأفراد والجماعات الجهاد والنفير والمقاومة لتحرير أي أرض احتلها الأعداء، أو لاستعادتها إذا اغتصبها مغتصب، والأمة كلها مسؤولة بالتضامن عن ذلك، لا يملك حاكم ولا محكوم التفريط في هذا الأمر.
وإذا عجز جيل من أجيال الأمة أو تقاعس، فلا يجوز له أن يفرض عجزه أو تقاعسه على كل أجيال الأمة القادمة إلى يوم القيامة، فيتنازل عما لا يجوز له التنازل عنه.
ولهذا أصدرنا فتوانا بتحريم قبول التعويض عن أرض فلسطين بالنسبة للاجئين المشردين في أنحاء العالم، ولو بلغ مئات المليارات، فأوطان الإسلام لا تقبل البيع ولا التنازل أو التعويض عنها بحال من الأحوال.
وإذا كان هذا الحكم في شأن أي أرض إسلامية، فكيف إذا كانت هذه الأرض هي القدس الشريف، أولى القبلتين، وبلد المسجد الأقصى، وثالث المدن المعظمة في الإسلام بعد مكة والمدينة، والأرض التي انتهى إليها الإسراء، وابتدأ منها المعراج. وحسبنا في فضلها قول الله تعالى: "سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا" الإسراء: 1.
ولهذا كان للقدس مكان في قلب كل مسلم، في المشرق أو المغرب، تمس شغافه، وتتغلغل في أعماقه، حبًا لها، وحرصًا عليها، وغيرة على حرماتها، واهتمامًا بشأنها. ومن أجلها أصبحت قضية فلسطين هي قضية المسلمين الأولى، لها يفزعون، وعليها يحافظون، وفي سبيلها يدافعون ويقاتلون، ولا يضنون عليها بنفس ولا نفيس.
والقدس هي رمز قضية فلسطين، المشير إليها والمعبر عنها، وهي جوهر القضية وروحها، وهي كما قال القائل:
فما معنى فلسطين بلا أقصى ولا قدس؟
فلسطين بلا قدس كجثمان بـلا رأس!
وكثيرًا ما سألني شباب مسلم في جولاتي المختلفة في بلاد الإسلام، وضعوا رؤوسهم على أكفهم، وقالوا بحرارة وحرقة: كيف نبرئ ذمتنا ونسقط الفرض الواجب في أعناقنا في الدفاع عن القدس؟ وكيف الطريق إليها؟
ولقد رأينا كيف هاج العالم الإسلامي من أقصاه إلى أقصاه، حينما حاول يهودي متعصب إحراق المسجد الأقصى سنة 1969، فتنادى المسلمون في كل مكان، وحينما احتل الصليبيون القدس قديمًا، كان الذين عملوا على تحريرها مسلمين من غير العرب، مثل عماد الدين زنكي التركي، وابنه نور الدين محمود الشهيد، وتلميذه صلاح الدين الأيوبي الكردي، الذي حرر القدس على يديه.
ولا يزال المسلمون في كل مكان مستعدين للبذل والتضحية من أجل القدس العزيز، وهذا ما لمسته لدى كل الشعوب التي زرتها، ابتداء من الفلبين وإندونيسيا في الشرق إلى المغرب العربي في الغرب، وإن لم ينعكس هذا بصورة قوية وواضحة لدى حكام المسلمين للأسف.
إن القدس جزء عزيز من دار الإسلام، وأرض الإسلام، ووطن الإسلام، وقد صار للمسلمين فيها أربعة عشر قرنًا من الزمان، ولم يأخذوها من اليهود، فقد انتهى الوجود اليهودي فيها منذ مئات السنين، كما انتهت دولتهم قبل ذلك بمئات السنين، فلم تقم لليهود دولة في فلسطين إلا بضع مئات من السنين، وكان العرب وغيرهم فيها منذ آلاف السنين.
لقد تسلم عمر بن الخطاب القدس من (بطريركها) النصراني، وكان مما شارط عليه عمر: ألا يساكنهم فيها يهود!

تعريف بسورة الإسراء :
1- سورة الإسراء هي السورة السابعة عشرة في ترتيب المصحف، فقد سبقتها سورة:
الفاتحة، والبقرة، وآل عمران، والنساء.... إلخ.
أما ترتيبها في النزول، فقد ذكر السيوطي في الإتقان أنها السورة التاسعة والأربعون، وأن نزولها كان بعد سورة القصص .
2- وتسمى- أيضا- بسورة بنى إسرائيل، وبسورة «سبحان» ، وعدد آياتها عند الجمهور إحدى عشرة آية ومائة، وعند الكوفيين عشر آيات ومائة آية.
3- ومن الأحاديث التي وردت في فضلها، ما رواه البخاري في صحيحه عن ابن مسعود- رضى الله عنه- أنه قال في بنى إسرائيل، والكهف ومريم: إنهن من العتاق الأول، وهنّ من تلادى .
والعتاق: جمع عتيق وهو القديم، وكذلك التالد بمعنى القديم. ومراده- رضى الله عنه- أن هذه السور من أول ما حفظه من القرآن.
وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن، حدثنا حماد بن زيد، عن مروان عن أبى لبابة، قال: سمعت عائشة- رضى الله عنها- تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول:
ما يريد أن يفطر، ويفطر حتى نقول: ما يريد أن يصوم، وكان يقرأ كل ليلة: «بنى إسرائيل» و «الزمر» .
4- ومن وجوه مناسبة هذه السورة لما قبلها، ما ذكره أبو حيان بقوله: «ومناسبة هذه لما قبلها، أنه- تعالى- لما أمره- في آخر النحل- بالصبر، ونهاه عن الحزن عليهم، وعن أن يضيق صدره من مكرهم، وكان من مكرهم نسبته إلى الكذب والسحر والشعر، وغير ذلك مما رموه به، أعقب- تعالى- ذلك بذكر شرفه، وفضله، واحتفائه به، وعلو منزلته عنده» .
5- وسورة الإسراء من السور المكية، ومن المفسرين الذين صرحوا بذلك دون أن يذكروا خلافا في كونها مكية. الزمخشري، وابن كثير، والبيضاوي، وأبو حيان.
وقال الآلوسى: وكونها كذلك بتمامها قول الجمهور.
وقيل: هي مكية إلا آيتين: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ ... وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ.
وقيل: إلا أربعا، هاتان الآيتان، وقوله- تعالى-: وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ....
وقوله- سبحانه-: وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ ... .
والذي تطمئن إليه النفس أن سورة الإسراء بتمامها مكية- كما قال جمهور المفسرين- لأن الروايات التي ذكرت في كون بعض آياتها مدنية، لا تنهض دليلا على ذلك لضعفها ...
والذي يغلب على الظن أن نزول هذه السورة الكريمة: أو نزول معظمها، كان في أعقاب حادث الإسراء والمعراج.
وذلك لأن السورة تحدثت عن هذا الحدث، كما تحدثت عن شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم حديثا مستفيضا، وحكت إيذاء المشركين له، وتطاولهم عليه، وتعنتهم معه، كمطالبتهم إياه بأن يفجر لهم من الأرض ينبوعا ...
وقد ردت السورة الكريمة على كل ذلك، بما يسلى الرسول صلى الله عليه وسلم ويثبته، ويرفع منزلته، ويعلى قدره ... في تلك الفترة الحرجة من حياته صلى الله عليه وسلم وهي الفترة التي أعقبت موت زوجه السيدة خديجة- رضى الله عنها- وموت عمه أبى طالب ...
6- (أ) وعند ما نقرأ سورة الإسراء نراها في مطلعها تحدثنا عن إسراء الله- تعالى- بنبيه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وعن الكتاب الذي آتاه الله- تعالى- لموسى- عليه السلام- ليكون هداية لقومه، وعن قضاء الله في بنى إسرائيل ...
قال- تعالى-: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ، لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ، أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا. ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً. وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً..
(ب) ثم يبين- سبحانه- بعد ذلك أن هذا القرآن قد أنزله- سبحانه- على نبيه صلى الله عليه وسلم ليهدى الناس إلى الطريق الأقوم، وليبشر المؤمنين بالأجر الكبير، وأن كل إنسان مسئول عن عمله، وسيحاسب عليه يوم القيامة، دون أن تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى ...
قال- تعالى-: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ، أَنَّ لَهُمْ أَجْراً كَبِيراً....
إلى أن يقول- سبحانه-: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها، وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى، وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا.
(ج) ثم تسوق السورة الكريمة سنة من سنن الله في خلقه، وهي أن عاقبة الترف والفسق، الدمار والهلاك، وأن من يريد العاجلة كانت نهايته إلى جهنم، ومن يريد الآخرة ويقدم لها العمل الصالح كانت نهايته إلى الجنة.
استمع إلى القرآن الكريم وهو يصور هذه المعاني بأسلوبه البليغ فيقول: وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها. فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً. وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ. وَكَفى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً. مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ، ثُمَّ جَعَلْنا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاها مَذْمُوماً مَدْحُوراً. وَمَنْ أَرادَ الْآخِرَةَ وَسَعى لَها سَعْيَها وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولئِكَ كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً.
(د) وبعد أن بين- سبحانه- أن سعادة الآخرة منوطة بإرادتها، وبأن يسعى الإنسان لها وهو مؤمن، عقب ذلك بذكر بضع وعشرين نوعا من أنواع التكاليف، التي متى نفذها المسلم ظفر برضى الله- تعالى- ومثوبته، ومن تلك التكاليف قوله- تعالى-: لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ.
وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً ...
وَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً ...
وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ....
وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا.
وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ.
وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ.
وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ.
وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ...
وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً ...
(هـ) وبعد أن ساقت السورة الكريمة تلك التكاليف المحكمة التي لا يتطرق إليها النسخ أو النقض، في ثماني عشرة آية، أتبعت ذلك بالثناء على القرآن الكريم، وبتنزيه الله- تعالى- عن الشريك، وببيان أن كل شيء يسبح بحمده- عز وجل-.
قال- تعالى-: وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً. قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ، إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا. سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً. تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ، وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ، إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً.
(و) ثم تحكى السورة الكريمة جانبا من أقوال المشركين، وترد عليها بما يدحضها، وتأمر المؤمنين بأن يقولوا الكلمة التي هي أحسن.. فتقول:.
وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً. قُلْ كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيداً. أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ، فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتى هُوَ، قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً. يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ، وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا. وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ، إِنَّ الشَّيْطانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوًّا مُبِيناً.
(ز) وبعد أن تقرر السورة الكريمة شمول علم الله- تعالى- لكل شيء، وقدرته على كل شيء، بعد أن تقرر ذلك، تحكى لنا جانبا من قصة آدم وإبليس فتقول:.
وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً. قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ، لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا. قالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً.
(ح) ثم تسوق السورة بعد ذلك ألوانا من نعم الله على عباده في البر والبحر، وألوانا من تكريمه لبنى آدم، كما تصور أحوال الناس يوم القيامة، وعدالة الله- تعالى- في حكمه عليهم فتقول:
وَإِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ، فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكانَ الْإِنْسانُ كَفُوراً. أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ، أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلًا ...
ثم يقول- سبحانه-: وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ، وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ، وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا. يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ، فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ...
(ط) ثم تحكى السورة جانبا من نعم الله- تعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلم حيث ثبته- سبحانه- أمام مكر أعدائه، وأمره بالمداومة على الصلاة وعلى قراءة القرآن، لأن ذلك يزيده ثباتا على ثباته، وتكريما على تكريمه.
قال- تعالى-: وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنا غَيْرَهُ، وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا. وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلًا.
(ى) ثم يقول- سبحانه-: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً. وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً. وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً..
(ك) وبعد أن تقرر السورة الكريمة طبيعة الإنسان، وتقرر أن الروح من أمر الله- تعالى- تتبع ذلك بالثناء على القرآن الكريم، وببيان أنه المعجزة الخالدة للرسول صلى الله عليه وسلم، وبإيراد المطالب المتعنتة التي طالب المشركون بها النبي صلى الله عليه وسلم.
استمع إلى القرآن الكريم وهو يقرر كل ذلك بأسلوبه البليغ فيقول: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً. وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً. وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً. أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً، أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ، قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا
.
(ل) ثم تسوق السورة الكريمة في أواخرها الدلائل الدالة على وحدانية الله- تعالى- وقدرته، وتحكى جانبا من قصة موسى- عليه السلام- مع فرعون وتؤكد أن هذا القرآن أنزله الله- تعالى- بالحق، وبالحق نزل، وأنه نزله مفرقا ليقرأه الناس على تؤدة وتدبر.
وكما افتتحت السورة الكريمة بالثناء على الله- تعالى-، فقد اختتمت بحمد الله- تعالى- وتكبيره. قال- تعالى-:
وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً.
(م) وبعد فهذا عرض إجمالى لأهم الموضوعات والمقاصد التي اشتملت عليها سورة الإسراء. ومن هذا العرض يتبين لنا ما يلى:.
1- أن سورة الإسراء- كغيرها من السور المكية- قد اهتمت اهتماما بارزا بتنقية العقيدة من كل ما يشوبها من شرك أو انحراف عن الطريق المستقيم.
وقد ساقت السورة في هذا المجال أنواعا متعددة من البراهين على وحدانية الله- تعالى- وعلمه وقدرته، ووجوب إخلاص العبادة له، وعلى تنزيهه- سبحانه- عن الشريك، ومن ذلك قوله- تعالى-:
أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً. وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً. قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ، إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا. سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً.
2- كذلك على رأس الموضوعات التي فصلت السورة الحديث عنها، شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم فقد ابتدأت بإسراء الله- تعالى- به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، حيث أراه- سبحانه- من آياته ما أراه، ثم تحدثت عن طبيعة رسالته، وعن مزاياها، وعن موقف المشركين منه، وعن المطالب المتعنتة التي طلبوها منه، وعن تثبيت الله- تعالى- له، وعن تبشيره بحسن العاقبة ...
قال- تعالى-: وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً.
3- من الواضح- أيضا- أن سورة الإسراء اعتنت بالحديث عن القرآن الكريم، من حيث هدايته، وإعجازه، ومنع الذين لا يؤمنون به عن فقهه، واشتماله على ما يشفى الصدور، وتكراره للبينات والعبر بأساليب مختلفة، ونزوله مفرقا ليقرأه الناس على مكث..
ومن الآيات التي وردت في ذلك قوله- تعالى-:
إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ....
وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً ...
وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ...
وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ، وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً. وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ، وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا ...
4- اهتمت السورة الكريمة اهتماما بينا، بالحديث عن التكاليف الشرعية، المتضمنة لقواعد السلوك الفردى والجماعى.
وقد ذكرت السورة أكثر من عشرين تكليفا، في آيات متتالية، بدأت بقوله- تعالى-:
لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا الآية 22 وانتهت بقوله- تعالى-:
كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً الآية 38.
وبجانب حديثها المستفيض عن التكاليف الشرعية، تحدثت- أيضا- عن طبيعة الإنسان في حالتي العسر واليسر، وعن بخله الشديد بما يملكه ...
قال- تعالى-: وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ، وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ كانَ يَؤُساً.
وقال- سبحانه-: قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي، إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً.
5- ومن الجوانب التي حرصت السورة الكريمة على تجليتها والكشف عنها: بيان سنن الله التي لا تتخلف في الهداية والإضلال، وفي الثواب والعقاب، وفي النصر والخذلان، وفي الرحمة والإهلاك، ومن ذلك قوله- تعالى-:
مَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها، وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى، وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا.
وَإِذا أَرَدْنا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنا مُتْرَفِيها فَفَسَقُوا فِيها، فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْناها تَدْمِيراً.
يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا. وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا.
إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها....
هذه بعض المقاصد الإجمالية التي اشتملت عليها سورة الإسراء، وهناك مقاصد أخرى يراها المتأمل فيها، والمتدبر لآياتها، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.