ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك - محمود شلبي
( ولا تجعل يدك مغلولة الى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا )
[ And let not your hand be tie to your neck ]
الايات الكريمة :
بسم الله الرحمن الرحيم[ الاسراء : 29 – 30 ]
Translation (1) : [ Dr. Mohsin Khan ]
[Holy Quran - Chapter : 17 - Surat :Al-Israa’ (The
Night Journey) -Verses:29- 30 ]
In the name of Allah the Almighty God , the Most Beneficent ,
the Most Merciful .
And let not your hand be tied
(like a miser) to your neck, nor stretch it forth to its utmost reach (like a
spendthrift), so that you become blameworthy and in severe poverty. (29) Truly,
your Lord enlarges the provision for whom He wills and straitens (for whom He
wills). Verily, He is Ever All-Knower, All-Seer of His slaves. (30)
تفسير الايات الكريمة [ تفسير الوسيط في تفسير القرأن الكريم / طنطاوي
] :
[ الاسراء : 29 – 30 ]
ثم أرشد - سبحانه - عباده إلى أفضل الطرق لإِنفاق أموالهم والتصرف فيها، فقال - تعالى - { وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً }. وقوله { مغلولة } من الغل - بضم الغين - وأصله الطوق الذى يجعل فى العنق وتربط به اليد، كما يربط المذنب والأسير وهو كناية عن البخل والتقتير. قال صاحب الكشاف ما ملخصه غل اليد وبسطها مجاز عن البخل والجود ولا يقصد من يتكلم به إثبات يد ولا غل ولا بسط. ولا فرق عنده بين هذا الكلام وبين ما وقع مجازا عنه، لأنهما كلامان معتقبان على حقيقة واحدة. حتى أنه يستعمله فى ملك لا يعطى عطاء قط، ولا يمنعه إلا بإشارته من غير استعمال يد وقبضها وبسطها. ولو أعطى الأقطع إلى المنكب عطاء جزيلا لقالوا ما أبسط يده بالنوال لأن بسط اليد وقبضها عبارتان معاقبتان للبخل والجود... وقوله { محسورا } من الحسور بمعنى الانقطاع عن الشئ، والعجز عن الحصول عليه. يقال فلان حسره السير، إذا أثر فيه أثرا بليغا جعله يعجز عن اللحاق برفقائه. ويقال بعير محسور. أى ذهبت قوته وأصابه الكلل والإِعياء. فصار لا يستطيع النهوض بما يوضع عليه من أحمال. والمقصود من الآية الكريمة الأمر بالتوسط والاعتدال فى الإِنفاق والنهى عن البخل والإِسراف. فقد شبه - سبحانه - مال البخيل، بحال من يده مربوطة إلى عنقه ربطا محكما بالقيود والسلاسل، فصار لا يستطيع تحريكها أو التصرف بها. وشبه حال المسرف والمبذر، بحال من مد يده وبسطها بسطا كبيرا، بحيث أصبحت لا تمسك شيئا يوضع فيها سواء أكان قليلا أم كثيرا. والمعنى كن - أيها الإِنسان - متوسطا فى كل أمورك، ومعتدلا فى إنفاق أموالك بحيث لا تكون بخيلا ولا مسرفا، فان الإِسراف والبخل يؤديان بك إلى أن تصير ملوما. أى مذموما من الخلق والخالق، محسورا، أى مغموما منقطعا عن الوصول إلى مبتغاك بسبب ضياع مالك، واحتياجك إلى غيرك. قال الآلوسى ما ملخصه فالآية الكريمة تحض على التوسط، وذلك هو الجود الممدوح، فخير الأمور أوساطها. وأخرجه أحمد وغيره عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عال من اقتصد " وأخرجه البيهقى عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الاقتصاد فى النفقة نصف المعيشة " وفى رواية عن أنس مرفوعا " التدبير نصف المعيشة، والتودد نصف العقل، والهم نصف الهرم، وقلة العيال أحد اليسارين " وكما يقال حسن التدبير مع الكفاف، خير من الغنى مع الإِسراف. ثم بين - سبحانه - أن مرجع الأمور كلها اليه، فهو المعطى وهو المانع، فقال - تعالى - { إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً }. أى إن ربك - أيها الانسان - العاقل - يبسط الرزق ويوسعه لمن يشاء أن يبسطه له ويمسك الرزق ويضيقه ويقدره على من يشاء من خلقه. إذ كل شئ فى هذا الكون يسير على حسب ما تقتضيه حكمته ومشيئته، وهو - سبحانه - العليم ببواطن الناس وبظواهرهم، لا يخفى عليه شئ من أحوالهم، ولا يعطى أو يمنع، إلا لحكمة هو يعلمها. قال - تعالى -{ مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلاَ مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلاَ مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } وبذلك نرى الآيات الكريمة، قد حضت على إيتاء ذوى القربى والمساكين وابن السبيل حقوقهم. وعلى الاعتدال فى إنفاق المال، ونهت عن الشح والتبذير، وأسندت العطاء والمنع إلى الله - تعالى - الخبير البصير بالظواهر والبواطن.