واعدوا لهم ما استطعتم من قوة - محمود شلبي

 

 اضغط على الصورة للتكبير
Click on photo to see it big 


الاية الكريمة : 

بسم الله الرحمن الرحيم

وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)

[ الانفال :  60  ]

Translation (1) :

Holy Quran – chapter ( 8 ) – Surat : Al-Anfal  ( The Spoils ) – Verse : 60 .

In the Name of Allah, the Almighty God , the All-beneficent, the All-merciful. 

And make ready against them all you can of power, including steeds of war (tanks, planes, missiles, artillery) to threaten the enemy of Allâh and your enemy, and others besides whom, you may not know but whom Allâh does know. And whatever you shall spend in the Cause of Allâh shall be repaid unto you, and you shall not be treated unjustly. (60)


Translation (2) :

Holy Quran – chapter ( 8 ) – Surat : Al-Anfal  ( The Spoils ) – Verse : 60 .

In the Name of Allah, the Almighty God , the All-beneficent, the All-merciful. 

 [8.60] Muster against them whatever you are able of force and tethers (ropes) of horses, so that you strike terror into the enemies of Allah and your enemy, and others besides them whom you do not know but Allah does. All that you spend in the Way of Allah shall be repaid to you. You shall not be wronged.


Translation (3) :

Holy Quran – chapter ( 8 ) – Surat : Al-Anfal  ( The Spoils ) – Verse : 60 .

In the Name of Allah, the Almighty God , the All-beneficent, the All-merciful. 

8-60
Against them make ready your strength to the utmost of your power, including steeds of war, to strike terror into (the hearts of) the enemies, of God and your enemies, and others besides, whom ye may not know, but whom God doth know. Whatever ye shall spend in the cause of God, shall be repaid unto you, and ye shall not be treated unjustly.


خليفة المسلمين السلطان محمد الفاتح وخليفة المسلمين السلطان صلاح الدين الايوبي   رحمهم الله  كانوا حكام مؤمنين صالحين وكانوا حكام مخلصين لله تبارك وتعالى ومخلصين لدين الله ومخلصين للمسلمين والامة الاسلامية ..
وكان هدفهم اعلاء كلمة الله عز وجل ونصرة دين الله الاسلام ...  فعملوا بموجب هذه الاية الكريمة فنصرهم الله عز وجل وايدهم بنصره  .
وهذه المقاطع من الفيديو تظهر كيف عمل هؤلاء الخلفاء المؤمنين المخلصين على تطوير معدات واسلحة جيوش المسلمين باقصى ما بالامكان فقام خليفة المسلمين محمد الفاتح بتصنيع اضخم مدافع على وجه الارض في ذلك الزمن من اجل ان يستخدمه في تحطيم اسوار القسطنيطينية وفتحها  .
وقام الخليفة صلاح الدين الايوبي بتصنيع الكثير من المنجنيقات وتطويرها وقام باستخدامها  في تحطيم اسوار القدس وتم بفضل الله على يدية فتح القدس واسترجاعها  وتحرير المسجد الاقصى وتطهير العالم الاسلامي من الصليبيين .

شاهد في هذا المقطع  كيف قام خليفة المسلمين صلاح الدين الايوبي  بتحرير القدس والمسجد الاقصى ولاحظ مدى تطور معدات واسلحة جيش المسلمين 


شاهد في هذا المقطع  كيف قام خليفة المسلمين محمد الفاتح   بفتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية في ذلك الوقت ولاحظ مدى تطور معدات واسلحة جيش المسلمين.


تفسير الاية الكريمة ( تفسير الشيخ محمد متولي الشعرواي رحمه الله واجزاه الخير عن سائر الامة الاسلامية ) :

وقوله تعالى: { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ } [الأنفال: 60] يعني أن يكون الإعداد لكل من تحدث عنهم، وهم الذين قاتلوا وقتلوا وأصاب أهلهم ضرورة الثأر لمقتلهم، والذين أسروا، والذين نقضوا العهد نقضاً أكيداً أو نقضاً محتملاً، كل هؤلاء لا بد أن تعد لهم ما جاء به قول الحق تبارك وتعالى: { مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ } [الأنفال: 60]. وهذا تكليف من الله تعالى لعباده المؤمنين الذين يجاهدون لإعلاء كلمته بضرورة أن يعدوا دائماً قدر إمكانهم ما استطاعوا من قوة. ولماذا قدر استطاعتهم؟ لأن الإنسان محدود بطاقة، ووراء قدرة المؤمنين قدرة الله سبحانه. ولذلك أنت تعد قدر ما تستطيع ثم تطلب من الله أن يعينك. وإذا ما صنعت قدر استطاعتك، إياك أن تقول: إن هذه الاستطاعة لن توصلني إلى مواجهة ما يملكه خصمي من معدات يمكن أن يهاجمني بها، فخصمك ليس له مدد من السماء إنما أنت لك المدد السماوي، وما دام لك هذا المدد فقوتك بمدد الله تجعلك الأقوى مهما كان عدوك، ولذلك عندما يحدث الله تعالى المؤمنين يوضح لهم: إياكم أن تخافوا من كثرة عدد عدوكم، والمطلوب منكم أن تعدوا له ما استطعتم من قوة وحتى أطمئنكم أني معكم، تذكروا آية واحدة أنزلتها، وهي:{ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ } [آل عمران: 151]. وساعة يلقي الله عز وجل في قلوب الذين كفروا الرعب سيلقون سلاحهم ويفرون من ميدان القتال ولو كانوا يحاربون بأقوى الأسلحة، وسيتمكن المؤمنون منهم وينتصرون عليهم بأية قوة أعدوها. وقوله تعالى: { مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } [الأنفال: 60]. هذه القوة قد تكون ذاتية في النفس بحيث لا تخاف شيئاً، فجسم كل مقاتل قوي ممتلىء بالصحة وله عقل يعمل باقتدار وإقبال على القتال في شجاعة، بالإضافة إلى قوة السلاح بأن يكون سلاحاً حديثاً متطوراً بعيد المدى، وأن يحرص المؤمنون على امتلاك كل شيء موصول بالقوة. وكان الهدف قديماً وحديثاً أن يمتلك المقاتل قوة تمكنه من عدوه ولا تمكن عدوه منه. وفي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مدى رمي السهام هو رمز القوة. فأول ما تبدأ الحرب يضربون العدو بالنبال، فإذا زحف العدو وتقدم يستخدمون له الرماح، فإذا تم الالتحام كان ذلك بالسيوف. وكانت أحسن قوة في الحرب هي السهام التي ترمي بها خصمك فتناله وهو بعيد عنك، ولا يستطيع أن ينالك أو يقترب منك. ولذلك عندما فسر رسول الله صلى الله عليه وسلم القوة قال فيما يرويه عنه عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } [الأنفال: 60] ثم قال: " ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي " ".

لأنك بالرمي تتمكن من عدوك ولا يتمكن هو منك، فإذا تفوقت في الرمي كنت أنت المنتصر عليه. ولكن كيف ينطبق ذلك على الحرب في العصر الحديث بعد أن تطورت الأسلحة الفتاكة؟ لقد صارت المدفعية لفترة من الزمن هي السلاح لأنها المحقق للنصر لبعد مداها، ثم جاءت الطائرات لتصبح هي السلاح الأقوى لأنها تستطيع أن تقطع مسافة طويلة وتلقي بقنابلها وتعود. وصارت قوة الطيران هي التي تحدد المنتصر في الحرب لأنها تلحق بالعدو خسائر جسيمة دون أن يستطيع هو أن يرد عليها ما دام غير متفوق في الطيران، ثم بعد ذلك جاءت الصواريخ والصواريخ عابرة للقارات، إلى آخر الأسلحة المتطورة التي تتسابق على اختراعها الدول الآن، وكلها أسلحة بعيدة المدى، والهدف أن تنال كل دولة أرض عدوها ولا يستطيع هو أن ينال أرضها. ويضيف الحق تبارك وتعالى: { وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ } [الأنفال: 60]. ورباط الخيل هو القوة التي تحتل الأرض، فمهما بلغت قدرتك في الرمي فأنت لا تستطيع أن تستولي على أرض عدوك، ولكنَّ راكبي الخيل كانوا يدخلون المعركة في الماضي بعد الرمي ليحتلوا الأرض. وهذه عملية تقوم بها المدرعات الآن. فالمعركة تبدأ أولاً رمياً بالصواريخ والطائرات حتى إذا حطمت قوة عدوك انطلقت المدرعات لتحتل الأرض، فالطائرات والصواريخ تهلك العدو وتحطمه ولكنها لا تأخذ الأرض. ولكن الذي يمكننا من الأرض والاستيلاء عليها هو: رباط الخيل، أو المدرعات، ورباط الخيل هو عقده للحرب، أي أن الخيل تُعد وتُعلف وتدرب وتكون مستعدة للحرب في أية لحظة، تماماً كما تأتي للمدرعات وتعدها إعداداً جيداً بالذخيرة، وتصلح ماكيناتها وتتدرب عليها لتكون مستعداً للقتال في أي لحظة. ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من خير معاش الناس لهم رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه كلما سمع هيعةً أو فَزْعةً طار على متنه يبتغي القتل أو الموت مظانَّه، ورجل في غنيمة في شَعَفَة من هذه الشعفاء وبطن واد من هذه الأودية، يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير ". أي أنه لا ينتظر بل ينطلق لأي صيحة. ومن الإعجاز في الأداء القرآني أنه أعطانا ترتيباً للحرب، فالحرب أولاً تبدأ بهجوم يحطم قوى العدو بالرمي، سواء كان بالصواريخ أم بالطائرات أم بغيرهما، ثم بعد ذلك يحدث الهجوم البري، ولا يحدث العكس أبداً. ورتب الحق سبحانه وتعالى وسائل استخدام القوة أثناء القتال، فهي أولاً الرمي، وبه نهلك مَكيناً ثم نستولي على المكان، وكان ذلك يتم برباط الخيل الذي تقوم مقامه المدرعات الآن.  

ونجد أن الحق سبحانه وتعالى جاء في القرآن الكريم بالأداء الذي يعلم ما تأتي به الأيام من اختراعات الخلق، ونجد في زماننا هذا كل قوة للسيارة أو المدرعة أو الدبابة إنما تقاس منسوبة إلى الخيل، فيقال قوة خمسة أحصنة أو خمسمائة حصان. ويقول المولى سبحانه وتعالى: { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } [الأنفال: 60]. فالقصد - إذن - من إعداد هذه القوة هو إرهاب العدو حتى لا يطمع فيكم لأن مجرد الإعداد للقوة، هو أمر يسبب رهباً للعدو. ولهذا تقام العروض العسكرية ليرى الخصم مدى قوة الدولة، وحين تبين لخصمك القوة التي تملكها لا يجترىء عليك، ويتحقق بهذا ما نسميه بلغة العصر " التوازن السلمي ". والذي يحفظ العالم الآن بعد سقوط الاتحاد السوفيتي هو التوازن السلمي بين مجموعات من الدول، بالإضافة إلى العامل الاقتصادي المكلف للحرب، فالقوة الآن لا تقتصر على السلاح فقط، ولكن تعتمد القوة على عناصر كثيرة منها الاقتصاد والإعلام وغيرهما. وصار الخوف من رد الفعل أحد الأسباب القوية المانعة للحرب. وكل دولة تخشى مما تخفيه أو تظهره الدولة الأخرى. وهكذا صار الإعداد للحرب ينفي قيام الحرب. { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ.. } [الأنفال: 60]. ولا تظنوا أن من يواجهونكم هم أعداء الله فقط وقد سلطكم سبحانه عليهم، لا بل عليكم أن تعرفوا أن أعداء الله هم أعداؤكم أيضاً لأنهم يفسدون الحياة على المؤمنين. وعدو الله دائماً يحاول أن ينال من المؤمنين. وأن ينكل بهم، وأن يجبرهم إن استطاع على الكفر وأن يغريهم على ذلك. فالحق سبحانه وتعالى لا يغضب لأنهم لم يؤمنوا به، بل لأنهم لا يطبقون المنهج الذي يسعد الإنسان على الأرض، فسبحانه وتعالى لا يكرههم ولكن يعاقبهم بسبب الإفساد في الأرض وبغيهم وطغيانهم. { وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } [الأنفال: 60]. وهذه لفتة من الحق سبحانه وتعالى إلى أن أعداء المسلمين ليسوا هم فقط الذين ظهروا أثناء الرسالة من كفار قريش واليهود والمنافقين وغيرهم، ولكنَّ هناك خلقاً كثيراً سيأتون بعد ذلك لا تعلمونهم أنتم الآن ولكنَّ الله سبحانه وتعالى يعلمهم، كما يلفتنا سبحانه إلى أن أعداء المسلمين ليسوا هم الذين يظهرون في ميدان القتال فقط ليحاربوا المسلمين، ولكنَّ هناك كثيراً ممن لا يظهرون في ميدان القتال يحاربون دين الله ويحاربون المسلمين. وقد ظهر معنى هذه الآية الكريمة، ولا يزال يظهر للمسلمين، فظهرت عداوة الفرس والروم وحربهم ضد المسلمين، وظهرت عداوة الصليبيين وغيرهم. ومع الزمن سوف يظهر من يعلمهم الله ولا نعلمهم نحن.

وقد جاءت أحداث الحياة لتؤكد دقة تعبير القرآن الكريم. ثم يتناول الحق سبحانه وتعالى هواجس النفس البشرية، وهي تنصت لهذه الآيات من الإعداد العسكري، فالذي يخطر على البال أولاً أن مثل هذا الإعداد يتطلب مالاً، ويتطلب جهداً، ويتطلب زمناً فوق الزمن لقضاء المصالح والحوائج. فإياكم أن تنكصوا عن الاستعداد لأن كل ما تنفقونه في سبيل الله محسوب عند الله. وإياكم أن تقولوا: إنّ الإعداد لقوة المجتمع يحتاج مالاً ويقتر على الأبناء لأن الله يرزقكم. ويقول سبحانه وتعالى: { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } [الأنفال: 60]. أي أن ما تنفقونه مما يقال له: شيء سواء أكان قليلاً أم كثيراً يرد إليكم، ولقد جاء التعبير بـمِّن شَيْءٍ } [الأنفال: 41] في قوله تعالى:{ وَٱعْلَمُوۤا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ } [الأنفال: 41] أي مما يقال له شيء. ولو جاءت الآية: غنمتم شيئاً، لما شملت الأشياء البسيطة، ولكن قوله تعالى: { مِّن شَيْءٍ } أي من بداية ما يقال له شيء، حتى قالوا: إن الخيط الذي يوجد عند العدو لا بد أن يذهب للغنائم، وقوله تبارك وتعالى: { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } [الأنفال: 60]. يعني أي شيء تنفقونه في سبيل الله تعالى مدخر لكم ما دمتم أنفقتموه وليس في بالكم إلا الله عز وجل. أما الإنفاق الذي ظاهره لله وحقيقته للشهرة أو الحصول على الثناء أو للتفاخر أو لقضاء المصالح. فكل ذلك اللون من الإنفاق خارج عن الإنفاق في سبيل الله، لكن الإنفاق في سبيل الله سيرده الله لكم مصداقاً لقوله تعالى: { يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } [الأنفال: 60]. أي أنَّ ما تنفقونه في سبيل الله لا ينقص مما معكم شيئاً على أن الحق سبحانه وتعالى يريدنا أن نأخذ طريق العدل وليس طريق الافتراء لذلك يطلب منا عز وجل ألا يطغينا هذا الاستعداد للحرب على خلق الله، فما دام لدينا استطاعة وأعددنا قوتنا وأسلحتنا فليس معنى ذلك أن نصاب بالغرور ونجترىء على خلق الله ولهذا فإن الله عز وجل ينبهنا إلى ذلك بقوله: { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَٱجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ... }.

تفسير الاية الكريمة  (الوسيط في تفسير القران الكريم / طنطاوي ) :

وقوله { وَأَعِدُّواْ } معطوف على ما قبله، وهو من الإِعداد بمعنى تهيئة الشئ للمستقبل، والخطاب لكافة المؤمنين. والرباط فى الأصل مصدر ربط، أى شد، ويطلق، بمعنى المربوط مطلقا، وكثر استعماله فى الخيل التى تربط فى سبيل الله. فالإِضافة إما باعتبار عموم المفهوم الأصلى، أو بملاحظة كون الربط مشتركا بين معان آخر كملازمة الثغور، والمواظبة على الأمر، فإضافته لأحد معانيه للبيان. قال صاحب الكشاف والرباط اسم للخيل التى تربط فى سبيل الله، ويجوز أن يسمى بالرباط الذى هو بمعنى المرابطة، ويجوز أن يكون جمع ربيط كفصيل وفصال - يقال نعم الربيط هذا، لما يرتبط من الخيل. والمعنى عليكم - أيها المؤمنون - أن تعدوا لقتال أعدائكم ما تستطيعون إعداده من وسائل القوة على اختلاف صنوفها وألوانها وأسبابها. وجاء - سبحانه - بلفظ { قُوَّةٍ } منكراً، ليشمل كل ما يتقوى به فى الحرب كائنا ما كان. قال الجمل وقوله { مِّن قُوَّةٍ } فى محل نصب على الحال، وفى صاحبها وجهان أحدهما أنه الموصول. والثانى أنه العائد عليه، إذ التقدير ما استطعتموه حال كونه بعض القوة، ويجوز أن تكون { مِن } لبيان الجنس. وقوله { وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ } معطوف على ما قبله من عطف الخاص على العام. أى أعدوا لقتال أعدائكم، ما أمكنكم من كل ما يتقوى به عليهم فى الحرب، من نحو حصون وقلاع وسلاح. ومن رباط الخيل للغزو والجهاد فى سبيل الله. وخص رباط الخيل بالذكر من بين ما يتقوى به، لمزيد فضلها وغنائها فى الحرب، ولأن الخيل كانت الأداة الرئيسية فى القتال فى العهد النبوى، وقوله { تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ } بيان للمقصود من الأمر بإعداد ما يمكنهم إعداده من قوة. وقوله { تُرْهِبُونَ } من الرهبة وهى مخافة مع تحرز واضطراب. والضمير المجرور - وهو قوله { بِهِ } - يعود إلى الإِعداد المأخوذ من قوله { وَأَعِدُّواْ }. أى أعدوا ما استطعتم من قوة، حال كونكم مرهبين بهذا الإِعداد عدو الله وعدوكم، من كل كافر ومشرك ومنحرف عن طريق الحق، وعلى رأس هؤلاء جميعا، كفار مكة الذين أخرجوكم من دياركم بغير حق، ويهود المدينة الذين لم يتركوا وسيلة للإِضرار بكم إلا فعلوها. وقوله { وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ } معطوف على ما قبله. أى ترهبون بهذا الإِعداد أعداء معروفين لكم - كمشركى مكة ويهود المدينة، وترهبون به أيضاً أعداء آخرين غيرهم أنتم لا تعرفونهم لأنهم يخفون عداوتهم لكم، ولكن الله - تعالى - الذى لا يخفى عليه شئ يعلمهم، وسيحبط أعمالهم. وقد اختلف المفسرون فى المراد بهؤلاء الأعداء الذين عبر الله عنهم بقوله لا تعلمونهم الله يعلمهم، فمنهم من قال المراد بهم بنو قريظة ومنهم من قال المراد بهم أهل فارس والروم.

ورجح ابن جرير أن المراد بهم كفار الجن.. لأن المؤمنين كانوا عالمين بمداراة بنى قريضة وفارس والروم لهم.. والمعنى ترهبون بذلك الإِعداد عدو الله وعدوكم من بنى آدم الذين علمتم عداوتهم، وترهبون به جنسا آخر من غير بنى آدم لا تعلمون أماكنهم وأحوالهم الله يعلمهم دونكم، لأن بنى آدم لا يرونهم. ورجح الفخر الرازى أن المراد بهم المنافقون، قال لأن المنافق من عادته أن يتربص ظهور الآفات، ويحتال فى إلقاء الإِفساد والتفريق بين المسلمين - بطرق قد لا تعرف، فإذا شاهد كون المسلمين فى غاية القوة خافهم وترك الأفعال المذمومة. ولعل ما رجحه الفخر الرازى هو الأقرب إلى الصواب، لأن عداوة المنافقين للمؤمنين كثيراً ما تكون خافية، ويشهد لهذا قوله - تعالى - فى آية أخرىوَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ } ثم ختم - سبحانه الآية الكريمة بالدعوة إلى الإِنفاق فى سبيله، وبشر المنفقين بحسن الجزاء فقال { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ }. أى { وَمَا تُنفِقُواْ } - أيها المؤمنون - { مِن شَيْءٍ } قل أو أكثر هذا المنفق { فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ } أى فى وجوه الخيرات التى من أجَلِّها الجهاد لإِعلاء كلمة الدين { يُوَفَّ إِلَيْكُمْ } أى يصل إليكم عوضه فى الدنيا وأجره فى الآخرة { وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } أى لا تنقصون شيئاً من العوض أو الأجر. قال والتعبير بالظلم - مع أن الأعمال غير موجبة للثواب حتى يكون ترك ترتيبه عليها ظلما - لبيان كمال نزاهته - سبحانه - عن ذلك بتصويره بصورة ما يستحيل صدوره عنه - تعالى - من القبائح، وإبراز الإِثابة فى معرض الأمور الواجبة عليه - تعالى -. هذا،
ومن الأحكام التى أخذها العلماء من هذه الآية ما يأتى
 1- وجوب إعداد القوة الحربية للدفاع عن الدين وعن الوطن وعن كل ما يجب الدفاع عنه، لأن أعداء الإِسلام إذا ما علموا أن أتباعه أقواياء هابوهم، وخافوا بأسهم، ولم يجرؤوا على مهاجمتهم. قال القرطبى وقوله - تعالى - { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ }. أمر الله المؤمنين بإعداد القوة للأعداء، بعد أن أكد تقدمة التقوى. فإن الله - تعالى - لو شاء لهزمهم بالكلام والتفل فى وجوههم، وبحفنة من تراب، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن أراد أن يبتلى بعض الناس ببعض بعلمه السابق وقضائه النافذ.. وقال بعض العلماء دلت هذه الآية على وجوب إعداد القوة الحربية، أتقاء بأس العدو وهجومه، ولما عمل الأمراء بمقتضى هذه الآية أيام حضارة الإِسلام، كان الإِسلام عزيزاً، عظيماً، أبى الضيم، قوى القنا، جليل الجاه، وفير السنا، إذ نشر لواء سلطته على منبسط الأرض، فقبض على ناصية الأقطار والأمصار. 
أما اليوم فقد ترك المسلمون العمل بهذه الآية الكريمة، ومالوا إلى النعيم والترف، فأهملوا فرضاً من فروض الكفاية، فأصبحت جميع الأمة آثمة بترك هذا الفرض، ولذا تعانى اليوم من غصته ما تعانى. وكيف لا يطمع العدو فى بلاد الإِسلام، وهو لا يرى فيها معامل للأسلحة، وذخائر الحرب، بل كلها مما يشترى من بلاد العدو؟ أما آن لها أن تتنبه من غفلتها، فتعد العدة التى أمر الله بها لأعدائها، وتتلافى ما فرطت قبل أن يداهم العدو ما بقى منها بخيله ورجله..؟ 
2- إن القوة التى طلب الله من المؤمنين إعدادها لإرهاب الأعداء، تتناول كل ما من شأنه أن يجعل المؤمنين أقوياء. كإعداد الجيوش المدربة، والأسلحة المتنوعة التى تختلف بحسب الأزمنة والأمكنة. وما روى من تفسير القوة - التى وردت فى الآية - بالرمى، فإنما هو على سبيل المثال، ولأن الرمى كان فى ذلك الوقت أقوى ما يتقوى به. قال الفخر الرازى عند تفسيره للآية، والمراد بالقوة هنا ما يكون سبباً لحصول القوة، وذكروا فيه وجوها الأول المراد من القوة أنواع الأسلحة. الثانى روى أنه - صلى الله عليه وسلم - قرأ هذه الآية على المنبر وقال " ألا إن القوة الرمى " قالها ثلاثاً. الثالث قال بعضهم القوة هى الحصون. الرابع قال أصحاب المعانى الأولى أن يقال هذا عام فى كل ما يتقوى به على حرب العدو، وكل ما هو آلة للغزو والجهاد فهو من جملة القوة، وقوله - صلى الله عليه وسلم - " القوة هى الرمى " لا ينفى كون غير الرمى معتبراً. كما أن قوله - صلى الله عليه وسلم - " الحج عرفه " " والندم توبة " لا ينفى اعتبار غيره. بل يدل على أن هذا المذكور جزء شريف من المقصود فكذا هنا. وهذه الآية تدل على أن الاستعداد للجهاد بالنبل، والسلاح، وتعليم الفروسية، والرمى فريضة إلا أنه من فرض الكفايات.
3- إن رباط الخيل للجهاد فى سبيل الله فضله عظيم، وثوابه كبير، فقد كانت الخيل هى خير ما عرف العرب من وسائل الانتقال فى الحرب وأسرعها، وما زالت الخيل لها قيمتها فى بعض أنواع الحروب. قال القرطبى، فإن قيل إن قوله { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ } كان يكفى، فلماذا خص الخيل بالذكر؟ قيل له إن الخيل لما كانت أصل الحرب وأوزارها الى عقد الخير فى نواصيها، وهى أقوى القوة، وأشد العدة، وحصون الفرسان، وبها يجال فى الميدان، لما كانت كذلك خصها بالذكر تشريفاً، وأقسم بغبارها تكريماً، فقالوَٱلْعَادِيَاتِ ضَبْحاً } وقال الإِمام ابن العربى وأما رباط الخيل هو فضل عظيم ومنزلة شريفة. روى الأئمة عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم – قال  ( الخيل ثلاثة، لرجل ستر، ولرجل أجر، وعلى رجل وزر) . فأما الذى هى عليه وزر فرجل ربطها رياء وفخراً ونواء لأهل الإِسلام - أى مناوأة ومعاداة - فهى عليه وزر ". وأما الذي هى عليه ستر فرجل ربطها تغنيا وتعففا، ولم ينس حق الله فى ظهورها فهى عليه ستر. وأما الذى هى له أجر فرجل ربطها فى سبيل الله، فأطال لها فى مرج أو روضة، فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شئ إلا كتب الله له عدد ما أكلت حسنات.. " وروى البخارى ومسلم عن جابر بن عبد الله قال " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوى ناصية فرس بأصبعيه وهو يقول " الخير معقود فى نواصى الخيل إلى يوم القيامة " ". 
4- أن المقصود من إعداد العدة فى الإِسلام إنما هو إرهاب الأعداء حتى لا يفكروا فى الاعتداء على المسلمين، وحتى يعيش أتباع هذا الدين آمنين مطمئنين فى ديارهم، وحتى يستطيعوا أن يبلغوا رسالة الله إلى خلقه من الناس دون أن يخشوا أحداً سواه - عز وجل.. وليس المقصود بإعداد العدة إرهاب المسالمين، أو العدوان على الآمنين، أو القهر والإِذلال للناس واستغلالهم فيما يغضب الله - تعالى -. ولذلك وجدنا الآية صريحة فى بيان المقصود من هذا الإِعداد، وهو - كما عبرت عنه { تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ ٱللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ ٱللَّهُ يَعْلَمُهُمْ }. وهناك آيات أخرى صريحة فى بيان سبب مشروعية القتال فى الإِسلام ومن ذلك قوله - تعالى -{ وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } وقوله - تعالى -{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ للَّهِ فَإِنِ ٱنْتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى ٱلظَّالِمِينَ } والخلاصة أن من تتبع آيات القرآن الواردة فى القتال يجدها جميعها تقرر أن سبب القتال فى الإِسم ينحصر فى رد العدوان، وحماية الدعوة الإِسلامية من التطاول عليها وتثبيت حرية العقدية، وتطهير الأرض من الظلم والطغيان. 5- وجوب الإِنفاق فى سبيل الله، ومن أشرف وجوه الإِنفاق فى سبيل الله أن يبذل المسلم ما يستطيع بذله فى الجهاد الذى هو ذروة سنام الإِسلام، والذى ما تركه قوم إلا ذلوا.. وألقوا بأنفسهم فى التهلكة.. ولقد بشرت الآية الكريمة المنفقين فى سبيل الله، بأنه - سبحانه - سيجازيهم على إنفاقهم جزاء وافيا لا نقص معه ولا ظلم. قال - تعالى - { وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ } وفى الحديث الشريف الذى رواه الترمذى عن أبى يحيى قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " من أنفق نفقة فى سبيل الله كتب له سبعمائة ضعف ".ثم أمر - تعالى - رسوله - صلى الله عليه - بقبول السلم والمصالحة، إذا ما رغب أعداؤه فى ذلك، وكانت ظواهرهم وأفعالهم تدل على صدق نواياهم فقال - تعالى - { وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ...عَزِيزٌ حَكِيمٌ }.

وقوله تعالى: { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ